الإسلام دينٌ يحضُّ على إصلاح الأرض وتعميرها، ولقد قال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]، فعمران الأرض هدفٌ من أهداف وجودنا عليها، ومن هذا العمران الاهتمام بالزراعة والغرس، وهذه سُنَّة نبوية جميلة، فقد روى مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه،

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَتِ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ»،

وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ»، وروى ابن حبان -وقال الألباني: صحيح- عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ مُبَشِّرٍ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها فِي نَخْلٍ لَهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ؟ أَمُسْلِمٌ أُمْ كَافِرٌ»؟ فَقَالَتْ: بَلْ مُسْلِمٌ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَغْرِسُ الْمُسْلِمُ غَرْسًا وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ»، وروى ابن حبان -وقال الألباني: صحيح- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً، فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتِ الْعَافِيَةُ، فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ»،

فهذه كلها نصوص تحضُّ بشكل صريح على الغرس والزرع، ولا يُشترط هنا احتراف مهنة الزراعة، ولكن يمكن تطبيق السُّنَّة بالمساهمة في تشجير المنطقة، أو حول البيت، وكذلك المساهمة في استصلاح الأراضي، أو على الأقل عدم التعرُّض بالإيذاء للأشجار والنباتات، لأنه إن كان في غرسها أجر فلا شك أن في إيذائها وزر،

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

المصدر : كتاب " إحياء354 " للدكتور راغب السرجاني