بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قد يظن البعض أن ظهور الإمام الحجة عليه السلام في آخر الزمان وما يرتبط بهذا الظهور الشريف من إقامة دولة العدل الشامل، هو محض أمرٍ غيبي، ومجرد فعل خاص يقوم به صاحب الزمان عليه السلام وبعض أعوانه خاصة، وأنه لا ارتباط بين ذلك الحدث التاريخي الهائل والمرتقب وبين تطور المجتمع البشري وتكامله لا سيما الإسلامي منه ماضياً وحاضراً.
والحقيقة أن هناك ارتباطاً هاماً وتفاعلاً حاداً بين ظهور الحجة وتطور المجتمع بحيث يبدو ولشدة الارتباط والتفاعل أن هناك نوعاً من العلية والتوقف، ذلك أن ظهور دولة الإمام المهدي عليه السلام في آخر الزمان ليس إلا حلقة أخيرة على الظاهر في سلسلة طويلة من حلقات الرسالات والنبوات التي تهدف جميعها للوصول بالمجتمع البشري إلى التكامل الاجتماعي والأخلاقي والإنساني. وباعتقادنا أن زمن الظهور هو ذلك الزمن الذي يصل فيه النضج والوعي في الوسط الاجتماعي والديني العام إلى درجة يمكن معها حصول حركة شاملة وثورة عالمية تحقق الانتصار العام والنهائي وتؤسس لدولة العدل في العالم.
وطالما لم يصل المجتمع الإسلامي خاصة، والبشري عامة إلى هذا المستوى المطلوب من الوعي والمعرفة والإنسانية فلن يكون بالإمكان تفجير الثورة الإلهية الكبرى الا بقيادة بقية الرسالات والحجة الخاتم الإمام محمد بن الحسن عليه السلام.
و ينبغي الإلفات هنا إلى أن هذا الشرط (النضج الاجتماعي) للظهور لا يلغي أو يمنع تمتع دولة صاحب الزمان عليه السلام بعناصر غيبية مميزة وخوارق ومعاجز تساعد في تحقيق الهدف الكبير.
وبناءً على هذا الفهم تصبح هنالك قيمة كبيرة ودخالة هامة لكل عمل مخلص أو حركة فاعلة أو ثورة صحيحة في تقريب حصول هذا الهدف الإلهي العظيم، وتتحول كل أعمال البر والخير والجهاد والتعليم والتزكية والتربية والارشاد إلى أعمال تؤثر في تسريع ظهور دولة الإمام المهدي عليه السلام.
ونحن نلمس وعلى نحو كبير في هذا العصر حركة إيمانية جهادية فاعلة ونشطة، وذات تأثير عالمي ومؤثر بات معها الوضع الاجتماعي والديني في الأمة يشهد تطوراً هائلاً ومنقطع النظير وعلى جميع المستويات الاعتقادية والمسلكية، وذلك بسبب مجموعة الأنشطة الجهادية والثقافية والاعلامية والتربوية، وهذا يؤشر بحسب رأينا إلى وجود اندفاعة هائلة باتجاه الهدف الكبير المنشود، لا نظير لها في طول وعرض التاريخ الإسلامي.
ومن هنا يجب عدم تضييع أية طاقة أو جهاد في هذا العصر، والعصور القريبة الآتية يمكن أن يساهم أكثر في استمرار هذا التقدم، وعليه كما أسلفنا يصبح لكل جهد أو عمل مخلص ولو كان صغيراً قيمة كبيرة ورائعة.
وختاماً يمكن القول وبجرأة أن كل ما نشهده حولنا من تجليات في المسيرة الإيمانية الجهادية المباركة من أنشطة وبرامج تزداد رقياً وتألقاً عاماً بعد عام ويشارك فيها الجميع رجالاً ونساء.
إن تلك الأعمال جميعاً هي في عين صاحب الزمان عليه السلام ومورد رضاه، وهو الذي ينتظر بفارغ الصبر وبكل أمل اللحظة الموعودة لظهوره عليه السلام ليثأر للمظلومين عبر التاريخ ويجني ثمار كل الأنبياء والشهداء، منذ آدم وإلى زمن ظهوره المبارك، فهنيئاً للموطئين للمهدي عليه السلام سلطانه في كل زمن.