ذكرت المدينة في النصوص الآشورية في كتابات الملك الآشوري توكلتي ننورتا 890 – 884 ق. م، ورد ذكر مدينة تكريت أول مرة على رقيم طيني عثر عليه في موقع بمدينة آشور وكان مؤرخاً بالسنة السادسة من حكم الملك المذكور.
وهذا الرقيم الطيني يتضمن وصفاً لحملة الملك توكلتي ـ نـنـورتـا الثاني ضـد منطقة وادي الثرثار ثم نهر دجلة فبلاد بابل والفرات ووادي الخابور في سورية، وكـان هدف هذه الحملة إظهار قوة الدولة الآشورية وإبراز هيبتها، فقد أشار هذا الملك، ضمن سرد تفاصيل حملته المذكورة، إلى منطقة تكريت كمنطقة سكن القبيلة الآرامية البدوية التي تلفظ أيضا وأشار المختص بالكتابة المسمارية (س. هورن) إلى أن مركز المنطقة التي سكنتها قبلية itu’a يسمى itu ويتمثل بمدينة تكريت الحالية، و قد سكنت itu’n قبل ذلك المنطقة الممتدة على الجانب الغربي لنهر دجلة في المنطقة المحصورة ما بين بغداد وتكريت.وبعد أن بدأت هذه القبيلة تشكل خطراً على الدولة الآشورية قام الملك الآشوري (توكلتي ـ ننورتا) الثاني، بحملة عسكرية ضدها عام 885ق. م ثم أعقبه الملك الآشوري (عداد ـ نيراري) الثالث 810 – 783 ق. م بحملة عسكرية عام 790 ق. م لمقاتلتها ثم لم يعد أن كرر حملته العسكرية الثانية ضد هذه القبيلة الآرامية عام 783ق. م.
وموقع مدينة تكريت كما تثبت ذلك طبيعة طوبوغرافية المنطقة التي تقع فيها، يمثل لقطة تحشد مثالية لكل قوة تطمع في السيطرة على المنطقة الشمالية. ولهذا السبب تراجع إليها الملك البابلي نابو بلاصر عند فشل هجومه على مدينة آشور واتخذ من قلعتها موضعاً دفاعياً حصيناً احتمى فيه الجيش البابلي المنسحب عندما حاصره الآشوريون في مدينة تكريت ودام الحصار عشره أيام لم يتمكن الجيش الآشوري خلالها عن اقتحام المدينة فتراجع باتجاه مدينة آشور كما تراجع الملك البابلي نابو بولاصر باتجاه مدينة بابل.
وذكرها ابن جبير المتوفي 614هـ 1317م الذي وصل إلى تكريت في التاسع عشر من شهر صفر 580هـ الموافق حزيران عام 1188م بقوله عن مدينة تكريت : (مدينة كبيرة واسعة الإرجاء فسيحة المساحة، حفيلة الأسواق، كثيرة المساجد، غاصة بالخلق، أهلها أحسن أخلاقاً وقسطاً في الموازين من أهل بغداد، ودجلة منها في جوفها)، كانت تسكنها عدد من القبائل العربية منها تغلب وأياد
العهد المسيحي
لقد كانت تتنازع تكريت قوى متعددة منها الفرس والرومان حيث تشير بعض الروايات إلى أن الديانة المسيحية دخلت تكريت منذ وقت مبكر من ظهور تلك الديانة على يد المبشرين النساطرة وقد حاول الرومان الذين اعتنقوا الديانة المسيحية الإفادة من موقعها المتقدم بوصفه ثغراً من ثغور الدولة الرومانية ليكون ظهيراً مناصراً لهم ضد الفرس ولم تفلح مناصرة الفرس للنساطرة ضد المذهب اليعقوبي الذي كان يناصره الرومان فاستقرت هذه المدينة مقراً للمفريات. منذ القرن السادس الميلادي حتى جاء الفتح الإسلامي حيث كانت المدينة بيد الرومان فتم تحريرها وانتشر الإسلام منذ سنة 16هـ/637م. ومع ذلك بقيت تكريت إحدى المراكز المسيحية المهمة حتى عام 1164م إذ نازعتها هذه المكانة مدينة الموصل التي نقل إليها مقر أو كرسي المفريان اليعقوبي. ولقد بنيت في هذه المدينة عدة كنائس وأديرة كان من أبرزها الكنيسة الخضراء، ولقد بقيت آثار تلك الأديرة شاخصة إلى فترة متقدمة من القرن العشرين في مواقع مختلفة من المدينة.
العهد الإسلامي
إستولى عليها المسلمون في القرن السادس الميلادي بقيادة عبد الله بن مالك بن المعتم العبسي في عهدالخليفة عمر بن الخطاب، بعد أن فتح الجيش الإسلامي جنوب ووسط العراق وبعد الاستقرار المؤقت في المدائن وضع خطة لمواصلة عملية الفتح باتجاه شرق العراق وشـماله حيث كانت مدينة تكريت أحد أهداف الهجمات. إتجه الجيش الإسلامي بقيادة الصحابي عبد الله بن مالك بن المعتم العبسي يساعده عدد من الصحابيين منهم ربعي بن الأفكل العنزيوالحارث بن حسان الذهلي وفرات بن حيان بن ثعلبة العجلي وهاني بن قيس وعرفجة بن هرثمة من المدائن باتجاه مدينة تكريت، وكان عدد جنوده يقدر بخمسة آلاف مقاتل، واستغرقت عملية الزحف من المدائن إلى تكريت مدة أربعة أيام، كما يشير إلى ذلك سيف بن عمر التميمي في روايته.
ولأن تحصينات المدينة كانت قوية جداً، إذ كان يحيط بها سور عظيم يليه خندق واسع وعميق وقلعة حصينة يحيط بها سور محصن، فقد فرض الجيش الإسلامي حصاراً على المدينة من جميع جهاتها الجنوبية والغربية والشمالية وشدد حصارها على المناطق المقابلة لأبواب المدينة، وذلك على امتداد سورها الخارجي عند الجهة الشرقية التي كان نهر دجلة يحاذيها. ودام الحصار 40 يوماً فأقبل أعيان المدينة من تغلب وأياد ونمر وكانوا يدينون بالنصرانية إلى القائد العربي عبد الله بن المعتم فسألوه لعرب المدينة السلم كما أخبروه أنهم قد استجابوا له. بإعلان الشهادة، وكانوا قد أخبروه بحراجة وضع الروم وصعوبة موقفهم في المدينة، كان هذا الموقف الذي اتخذه أبناء المدينة من قبائل تغلب وأياد والنمر قد لعب دوراً مباشراً أنهى الحصار وعجل في دخول الجيش العربي المسلم المدينة، أما غزاة الروم فإنهم هلكوا فيها، إلا أن من فر هارباً عنها فقد ورد في نصّ الرواية ما ذكره سيف بقوله : (فلم يفلت من أهل الخندق إلا من أسلم من تغلب وأياد والنمر..) وبذلك تم تحرير مدينة تكريت على نحو تام وأصبحت بوابة للفتوح العربية الإسلامية باتجاه الموصل والجزيرة الفراتية ثم باتجاه شمال العراق.
الغزو المغولي والقرن العشرين
نهبت المدينة ودمرت كما أجزاء كبيرة من العراق إبان السيطرة المغولية بقيادة تيمور لنك. و في أيلول 1917 دخلت القوات البريطانية المدينة أثناء الحرب العالمية الأولى وقد دخلتها القوات الأمريكية عام 2003 بعد احتلال بغداد.