الجــلاد عنـــد البـــاب !!
يولد المولود في لحظة فرحة .. وعندها يولد الموت في لحظة رقصة .. ثم يكبر الصغير في حياة غفـلة .. كما يكبر الموت في انتظـار لحظـة .. صيد غشيم يمرح في وديان غفـوة .. وصياد حريص يراقب دوماَ لحظة هجمة .. وما حياة المرء إلا تحت رقابة الموت في كل لمحـة .. وتعرف الأنفس أن الموت يتربص لها بالمرصاد ولكنها تتناسى الموت بغير حكمة .. فإذا بالموت يدق نواقيس التحذير في البعيد والجيرة .. ويقال أن الموت يضرب هنا وهنالك حين يختار الصغار .. كما ينظف الساحات من البواقي المؤجلة حين يختار الكبار .. قطاف يوجع الأفئدة حين تكون الثمار هي تلك البراعم الغضة .. وقطاف هو ذلك المعهود لثمار قد أكملت النضج .. وتلك سلة القبور تحتوي الأصناف الناضج كما تحتوي الفج .. قبور طولها الشبر وقبور طولها المتر والموت لا يتأخر ولا يتأثر بحجة الأحجام .. إنما هي تلك الأيام والأنفاس المحسوبة في الأزل لكل مولود يوم يحكم الكتاب .. مولود يعانق الموت في الرحم قبل المولد !!.. ومولود يعانق الموت عند الولادة !.. ومولود يعانق الموت بعد الولادة !.. ومولود يعانق الموت في المهد .. ومولود يعانق الموت في الصبا .. ومولود يعانق الموت في العنفوان والشباب .. ومولود يعانق الموت بعد الهرم وبعد سنوات الضعف والهزال .. ومهما كان مقدار اللحظات والأيام والسنين فإن الموت هو المحصلة الحتمية في نهاية المطاف .. فهو ذلك المورد الحتمي الذي لا يفلت منه الجبابرة .. ولا يفلت منه أصحاب العقول الماهرة .. كما لا يفلت منه الأقوياء ولا يفلت منه الضعفاء .. ولا يفلت منه المرضى كما لا يفلت منه الأصحاء .. وجاهل من يتحايل ويحاجج على الموت بحجة الحكماء والأطباء .. فلو نفذت مقادير الأنفاس من المخزون في الأزل فلا يفيد الشفاء كما لا يفيد كل أنواع الدواء .
ـــــ