بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك

وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


ونقرأ في «دعاء كميل بن زياد» عندما يتحدث الإمام عليّ (ع) عن رقابة الملائكة على الإنسان، حيث يقول (ع): «وكنت أنت الرقيب عليّ من ورائهم، والشاهد لما خفي عنهم»،
وهي النيّات في النفس... ويقول النبي (ص): «عوّدوا قلوبكم الترقـب ـ الإحساس بالرقابة ـ وأكثروا التفكّر والاعتبار»، ويقول عليّ (ع): «اجعل من نفسك على نفسك رقيباً، واجعل لآخرتك من دنياك نصيباً»، راقب نفسك وحاسبها بنفسك، وإذا عشت في الدنيا فلا يكن كل ما عندك دنيا، بل اجعل لآخرتك نصيباً، لأنك سوف تغادر الدنيا وتصل الآخرة، ولا بد أن تعمل لكي يكون لك في الآخرة نصيب. ويقول عليّ (ع): «ينبغي أن يكون الرجل مهيمناً على نفسه ـ لا أن تسيطر نفسك عليك وتوجّهك، فالله أعطاك عقلاً تعرف من خلاله الخير والشر، فحكّم عقلك واجعله يحرّكك في خط إيمانك بالله ومعرفتك به، واجعله يحكم على نفسك ـ مراقباً قلبه ـ أن تراقب خفقات قلبك في الحب والبغض والنيّات الطيّبة والخبيثة ـ حافظاً لسانه».

ويقول الإمام الصادق (ع): «إحمل نفسك لنفسك ـ لمصلحة نفسك ومصيرك ونجاتك ـ فإن لم تفعل لم يحملك غيرك»،
ويقول (ع): «كان في ما وعظ الله تبارك وتعالى به عيسى بن مريم: يا عيسى، كن حيث كنت مراقباً لله»، ورسول الله (ص) يقول لأبي ذر: «إحفظ الله يحفظك»، تذكّر الله وراقبه، ويقول عليّ (ع): «طوبى لمن راقب ربَّه وخاف ذنبه»، ويقول (ع): «رحم الله امرءاً راقب ربه، وتنكّب ذنبه، وكابر هواه، وكذّب مناه، امرءاً أزم نفسه من التقوى بزمام، دائم الفكر، طويل السهر، عزوفاً عن الدنيا، قد وقر قلبه ذكر المعاد، وطوى مهاده، وهجر وساده منتصباً على أطرافه، خشوع في السر لربه، لدَمْعُه صبيب ولَقَلبُه وجيب، راضياً بالكفاف من أمره، يُظهر دون ما يكتم، ويكتفي بأقل مما يعلم».

ويقول الإمام الصادق (ع) _ والنبي (ص) والأئمة (ع) لا يكفي أن نبكي عليهم، بل أن نأخذ من كلماتهم النور الذي يضيء لنا الطريق، وهذا هو معنى الولاية لهم _ يقول (ع): «ما من يوم يأتي على ابن آدم إلا قال ذلك اليوم: يا بن آدم، أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد، فافعل بي خيراً واعمل فيّ خيراً أشهد لك يوم القيامة، فإنك لن تراني بعدها أبداً»، وعنه (ع): «إنَّ النّهار إذا جاء قال: يا بن آدم، اعمل في يومك هذا خيراً أشهد لك به عند ربك يوم القيامة، فإني لم آتك في ما مضى، ولا آتيك في ما بقي، وإذا جاء الليل قال مثل ذلك»، وورد عن الإمام عليّ (ع): «على العاقل أن يحصي على نفسه مساويها في الدين والرأي والأخلاق والأدب»

ونختم بكلام الإمام الكاظم (ع): «ليس منا من لم يحاسب نفسه كلِّ يوم، فإن عمل حسناً استزاد الله، وإن عمل سيئاً استغفر الله منه وتاب إليه».

إن علينا أن نربي أنفسنا على طاعة الله، وأن تكون كل طموحاتنا رضوان الله تعالى، وأن نتحرك في الحياة على أساس أن نعرف أن الدنيا مزرعة الآخرة، فما تزرعه تحصده
{يوم لا ينفع مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم}، {يوم يفر المرء من أخيه* وأمه وأبيه* وصاحبته وبنيه}، لنفكر في ذلك اليوم، حتى نكون عند الله {في مقعد صدق عند مليك مقتدر}.