يُرخي سُدولَ الأسى والليلُ مُحتَجِبُ
في دمعةٍ من سُعارِ القلبِ تنسكِبُ...
قاسيتُ ظُلمًا جرى في عُمقِ أورِدتي
والقلبُ من عَسْفهِ لم تُنْجهِ الحُجُبُ
دانتْ لِسُقياكَ عينٌ دمعُها سَرِبٌ
لو فاضَ من غَيْثهِ ما شحَّتِ السُّحُبُ
أَصلَى المَحاجرَ والأجفانُ ذَرْذَرها
مَنْ ورْدُهُ بدمِ العُشَّاقِ مُخْتَضَبُ
قد ذُقتُ منه نقيعَ السُمِّ في عسَلٍ
كالقطرِ أُجَّ بمِلحٍ بَدؤهُ عَذِبُ
ما لليراعِ قسا، ناءتْ بِأَحرُفهِ
روحُ القوافي وما جاءتْ به الكتُبُ
أغْنَيْتَها لُغتي بالهمِّ ناطقةٌ
هِي المُبلِّغُ عمَّا جرَّتِ النُّوَبُ
كم تُوعَدُ الرُّوحُ مِمّن قضَّها مِزَقًا
من ملَّ شكوايَ، لِلذَّاتِ ينقلِبُ
تُبري جِراحي بجفنِ السَّيفِ ما شرَعَتْ
سُمرُ الرِّماحِ ورمشُ الغيمِ ينتحِبُ
يُوْمي إليَّ بقلبٍ كانَ يؤنسُني
من صار يُسْعِدهُ التبريحُ والكُرَبُ
إنَّ الغروبَ إذا وافى على جَزَعٍ
شقَّ الدياجي وصُبحي بعدُ يغترِبُ
من أمطرَ الشوقُ في أفيائه ورَقًا
يُسلي الفؤادَ كمن أثوابهُ قُشُبُ
بزَّ الجمالُ بياضَ العاجِ ما نَسَلتْ
منهُ الخدودُ، بِروعاتِ النَّدى سُكِبوا
يمَّمتُ ثغركَ أُملي بالعقيقِ فمي
فاسْتوحَشَتْ شَفَتي من كلُّهُ ذهَبُ!