بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
إن من الطبيعي لأي واحد منا قرّر السفر من بلدٍ إلى آخر أن يبادر إلى تجهيز مستلزمات رحلته وحزم أمتعته واعداد حقائب سفره وكذلك ايكال المهمات المرتبطة به في البلد الذي سيغادره إلى أشخاص يثق بهم، وأداء الأمانات إلى أهلها والقيام بسائر الشؤون التي ينبغي أداؤها وانجازها في وطنه قبل رحيله إلى وطن آخر وكلما اقترب موعد رحلة الطائرة التي سيغادر على متنها كان أكثر اهتماماً باستعداداته وجهوزيته.
والخلاصة أن الإنسان حريص على القيام بما يلزم لهذا السفر من مكان إلى آخر في هذه الدنيا الفانية.
فلماذا لا يكون حريصاً على تأمين لوازم سفره من هذه الدنيا إلى عالم الآخرة من دار الفناء إلى دار البقاء؟!
إن السبب هو الغفلة عن السفر نفسه أي عدم الانتباه إلى الموت ومن يغفل عنه كيف يتذكر ما يستوجبه ويتطلبه منه؟! وها هو أمير المؤمنين عليه السلام يتعجب قائلاً:
"وكيف غفلتكم عما ليس يغفلكم"1؟!
ومن هنا نعرف أن تذكر الموت باعث على تهيئة النفس واستعدادها له من خلال أداء الحقوق العامة والخاصة وما يرتبط بالشخص نفسه أو بغيره وسواء كانت الحقوق مادية أو معنوية.
فمن الطبيعي أن يسارع إلى قضاء ما فات من الصلوات ويقضي ديونه المالية، ويرجع الحقوق إلى ذويها، ويكفّ عن ظلم الآخرين ويعاشرهم بمعروف وإحسان ويتزوّد لآخرته بزاد التقوى.
جاء في وصية أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن عليه السلام:
"وإنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه، ولا يفوته طالبه، ولا بد أنه مدركه، فكن منه على حذر أن يدركك وأنت على حال سيئة، قد كنت تحدّث نفسك منها بالتوبة، فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك،يا بني أكثر من ذكر الموت، وذكر ما تهجم عليه، وتفضي بعد الموت إليه حتّى يأتيك وقد أخذت منه حذرك وشددت له أزرك ولا يأتيك بغتة فيبهرك"2.
-------------
1- ميزان الحكمة، ج4، ص3539.
2- نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، ص400. الحذر: الاحتراز والاحتراس، والأزر: الظهر. ويبهرك: يغلبك على أمرك.