بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
ولد الإمام علي بن الحسين (ع) في العقد الرابع من القرن الأول الهجري في المدينة المنورة يوم النصف من جمادى الأولى، سنة ست وثلاثين أو ثمان وثلاثين من الهجرة النبوية المباركة(1)، وقيل: وُلِد (ع) في الخميس الخامس من شعبان في أيام جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وقبل وفاته بسنتين، وكانت ولادته في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه(2).
كان (ع) كآبائه الطاهرين (ع) من تلك الأنوار المباركة التي خلقها الله عزوجل قبل أن يخلق الخلق، ثم خلق العرش فجعلها بعرشه محدقة، تسبح الله وتقدسه.
قال رسول الله (ص) : «خلقنا الله نحن حيث لا سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا عرش ولا جنة ولا نار، كنا نسبحه حين
لا تسبيح ونقدسه حين لا تقديس»(3) الخبر.
وقال (ص) : «لقد خلقنا الله نورا تحت العرش»(4).
وفي زيارة الجامعة: «خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ»(5).
أبوه: حجة الله على الخلق سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (ع) الشهيد بكربلاء.
وأمه المكرمة: (شهربانو) وقيل (شاه زنان)(6) ابنة يزدجرد ملك إيران(7).
وفي الحديث عن الإمام الباقر (ع) قال: «لما قدمت ابنة يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس وخاتمتهم على عمر، وأدخلت المدينة استشرفت لها عذارى المدينة وأشرق المجلس بضوء وجهها ورأت عمر فقالت: آه بيروز باد هرمز، فغضب عمر وقال: شتمتني هذه العلجة، وهم بها.
فقال له علي (ع) : ليس لك إنكار على ما لا تعلمه.
فأمر أن ينادي عليها، فقال أمير المؤمنين (ع) : لا يجوز بيع بنات الملوك وإن كن كافرات، ولكن أعرض عليها أن تختار رجلا من المسلمين حتى تتزوج منه وحسب صداقها عليه من عطائه من بيت المال يقوم مقام الثمن.
فقال عمر: أفعل، وعرض عليها أن تختار، فجالت فوضعت يدها على منكب الحسين (ع) فقال: چه نام داري اي كنيزك؟
يعني: ما اسمك يا صبية؟
قالت: جهانشاه، فقال بل شهربانويه…
ثم التفت إلى الحسين فقال: احتفظ بها وأحسن إليها فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك وهي أم الأوصياء الذرية الطيبة، فولدت علي بن الحسين زين العابدين (ع) ويروى أنها ماتت في نفاسها به
وإنما اختارت الحسين (ع) لأنها رأت في المنام فاطمة الزهراء (ع) وأسلمت قبل أن يأخذها عسكر المسلمين ولها قصة وهي أنها قالت: رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين كأن محمدا رسول الله (ص) دخل دارنا وقعد مع الحسين (ع) وخطبني له وزوجني منه، فلما أصبحت كان ذلك يؤثر في قلبي وما كان لي خاطر غير هذا، فلما كان في الليلة الثانية رأيت فاطمة بنت محمد (ص) قد أتتني وعرضت علي الإسلام فأسلمت، ثم قالت: إن الغلبة تكون للمسلمين وإنك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين سالمة لا يصيبك بسوء أحد، قالت: وكان من الحال أني خرجت إلى المدينة ما مس يدي إنسان»(8).
_________________________
(1) وقيل: سنة 37 هجرية.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: ] في بيوت أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار[ سورة النور: 36-37.
(3) بحار الأنوار: ج25 ص16 ب1 ح30.
(4) تفسير فرات الكوفي: ص504 ومن سورة سأل سائل ح504-622.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص613 ح3213 زيارة جامعة لجميع الأئمة (ع) .
(6) وقيل: كان إسمها غزالة، وقيل: سلامة، وقيل: خولة، وقيل: برة، ولا يبعد أن يكون لها أكثر من إسم، كما ورد في أسماء السيدة نرجس والدة الإمام المهدي المنتظر (عج) .
(7) يزدجرد: آخر ملوك فارس وهو ابن شهريار بن برويز بن هرمز بن أنوشيروان الساساني، وقد أسرت شهربانو أو شاه زنان في الحرب التي دارت بين المسلمين والجيش الساساني ونقلت إلى المدينة المنورة ثم تزوجها الإمام الحسين (ع) .
(8) بحار الأنوار: ج46 ص10-11 ب1 ح21.