بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


في هذا الجو الاِعلامي الماكر ، ومن هذا الفضاء الملبّد بكل تهويمات التضليل ، والتكتم والتعتيم على أعظم ثائر وأعظم ثورة أرادت أن تعيد الحق إلى نصابه ، وتستنهض الضمائر الميّتة وبتضحية قلّ نظيرها في التاريخ البشري انتصاراً للدين المضيّع والحدود المستباحة ، كان على الاِمام السجاد أن ينتهج أحد خيارين :
الاَول : هو المواجهة العلنية الصريحة ، والتنديد المباشر باجراءات السلطة الحاكمة وفضحها ، أي إقدامه عليه السلام على عملية استشهادية اُخرى تلحقه بأبيه وإخوته ، لا تكلّف خصومه أكثر من ضربة سيفٍ واحدة لايتردّد عن القيام بها جلواز واحد من جلاوزة السلطة يتقرب بها إلى الاَمير ، دون أن يرفّ له جفن أو يحاكمه ضمير ، وفي أُمّة ميتة لم يبقَ فيها للدم حرمة ولا للتضحية معنى أو صدى.. وبالتالي إيقاف أو إنهاء الدور الرسالي المهمّ الذي يسعى الاِمام السجاد عليه السلام إلى تحقيقه من خلال كشف تلك الغيوم وتبديدها...
والثاني : هو الصبر على ذلك الضيم أو الحيف الذي شمله مع عمّته العقيلة زينب عليها السلام وتمرير المرحلة بالعضّ على الجرح بنيّة مواصلة مراحل الكشف المطلوبة في كل عملية تغييرية يُراد لها أن تعيد الاُمّة المضللة إلى وعيها ، أو تعيد الوعي إلى الاُمّة المغلوبة على أمرها ، المسلوبة إرادتها المغيّب ضميرها ، وفي ذلك الهوس الاِعلامي الصاخب ، والمناخ السياسي الملوّث.
من هنا كان على الاِمام أن يختار طريقاً أو منهجاً يحقّق له هذا الهدف الكبير دون المساومة على مبادئه أو التفريط بها ، أو القفز عليها ، فاختار طريق البكاء أولاً ، ثم طريق الدعاء الذي سنأتي على ذكره في الفصل اللاحق إن شاء الله
.