1. ليس بأول بيت
ليس بأول بيت(سماع دوي انفجارينبفارق زمني بسيط حوالي الساعة التاسعة صباحاً أسفرا عن انهيار منارتي مرقدالإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء).
نبأ تناقلته كافة وسائل الإعلام في حينها، وبقيت ذكراه تتجدد عاماً بعد عام،وتتجدد معه صور تلك الفاجعة المؤلمة والاعتداء الأثيم على حرمات بيوت الله.. نبأهز ضمائر جميع المسلمين في أرجاء العالم، وجرح مشاعرهم، وزاد من جراحاتهم التي لمتندمل بعد من ذلك الماضي المرير..
ففي صبيحة يوم 27 جمادى الأولى 1428هـ الموافق 13/6/2007م تعرض مرقد الإمامينالعسكريين(ع) في مدينة سامراء إلى الاعتداء الثاني الذي أدى إلى نسف المنارتيناللتين لم تهدم في الاعتداء الأول عام 2006م الذي استهدف تفجير القبة الشريفةآنذاك...
ويعتبر استهداف هذا المقدس الإسلامي شاهد آخر على مظلومية أهل البيت(ع) وأتباعهم،وشهادة موثقة على ظلم قوى الارهاب والتكفير التي تعبر عن حقدهم الدفين وكراهيتهملأئمتنا الأطهار(ع) من جهة، وتهدف لإثارة الصراع الطائفي وخلق الفتنة بين المسلمينمن جهة أخرى..
وفي الحقيقة، إن هذا ليس بأول اعتداء على بيوت ومراقد أئمتنا المعصومين(ع)، فلورجعنا إلى الحوادث التي جرت عليهم(ع) لرأينا أن ذلك حصل مراراً، وأن هذا ليسغريباً عليهم.. حتى روي عن الإمام السجاد(ع) أنه قال: (القتلُ لنا عادة، وكرامتنامن الله الشهادة)..
فأول بيت أحرق هو بيت أمير المؤمنين(ع) لما طلبوا منه أن يبايع ولم يفعل(ع)،فعندما هجم القوم على الدار قيل لهم: إن في الدار فاطمة! فقال كلمته المعروفة بكلحقد ووقاحة: (وإنْ)!! ... وفي الواقع، إن هذا الهجوم هو الأساس لكل اعتداء عليهموعلى شيعتهم، وإنه فتح باب الجرأة على أتباع المذهب الحق على مر العصور إلى يومناهذا..
وبعدها تجرأوا على سبط رسول الله(ص) وريحانته في كربلاء.. حيث فعلوا فعلتهمالشنيعة في واقعة الطف الأليمة التي بقي صداها مدوياً إلى يوم القيامة.. وأحرقتخيام الحسين(ع) في عصر عاشوراء، وقال قائلهم: أحرقوا بيوت الظالمين!!..
وجاءت بعدها حادثة إحراق بيت الإمام الصادق(ع) في المدينة المنورة بأمر من المنصورالدوانيقي, حتى دخل عليه بعض شيعته في اليوم الثاني يسألونه فوجدوه حزيناً باكياً،فقالوا: ممن هذا التأثر والبكاء؟ أمن الجرأة عليكم أهل البيت؟! وليس منهم بأولمرة، فقال الإمام(ع): لا، ولكن لما أخذت النار ما في الدهليز نظرت إلى نسائيوبناتي يتراكضن في صحن الدار من حجرة إلى حجرة... فتذكرت فرار عيال جدي الحسين(ع)يوم عاشوراء من خيمة إلى خيمة ومن خباء إلى خباء والمنادي ينادي: أحرقوا بيوتالظالمين..
وتستمر سلسلة الاعتداءات.. إلى أن جاء الدور إلى بيت الإمام الحسن العسكري(ع) الذيلم يسلم هو الآخر من المداهمات والمضايقات من قبل السلطات العباسية الجائرة، التيكان هدفها الأساسي القضاء على مشروع الإمام المهدي(ع) ذلك المنتظر الموعود الذيبشرت به جميع الأديان السماوية لإقامة دولة العدل الإلهي في آخر الزمان.
وبما أننا نؤمن بأن اليوم الذي يظهر فيه إمامنا المنتظر(ع) ليملأ الأرض قسطاًوعدلاً بات قريباً، ما يجعلنا نهيأ أنفسنا لأداء واجبنا، ولذا جاء التركيز علىاستهداف المقدسات في سامراء لقطع الطريق -حسب زعمهم- أمام تحقيق هذه العقيدة..
لقد كانت سامراء ولا زالت -من خلال نور الهداية اللامع والبرهان الساطع المتمثلبالمهدي المنتظر(عج)- مشعلاً لهداية السائرين في طريق تحقيق دولة العدل الإلهي..وإن سامراء بلدٌ يعبـّر عن تعايش المسلمين بمذاهبهم المتعددة تحت راية الإسلاموالحق وأهل البيت(ع) وحبهم، وهذا ما عرفته في الكثير من عهودها ومراحل حياتها،ومنها عهدها بالمجدد السيد الشيرازي الكبير(قدس)، والإمام السيد محسن الحكيم(قدس).