1. الكلمة الغراء في تاريخ شهادة الزهراء (ع)
الكلمة الغراء في تاريخ شهادة الزهراء (ع)
في مثل هذه الأيام منكل عام يكثر ويتجدد الحديث عن أيام شهادة مولاتنا الصديقة الشهيدة فاطمةالزهراء(ع)، وكذلك عن سبب تعدد مواسم إحيائها، بل يعترض وينزعج البعض من عدم توحد هذهالمواسم، وذلك بجعلها موسماً واحداً كما في بقية وفيات المعصومين(ع) مثلاً..
إن تعدد مواسم إحياء ذكرى شهادة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء(ع) سببه تعددالروايات الكثيرة التي ذكرت ذلك من الشيعة والسنة، حتى أن الشيخ إسماعيل الأنصاريالزنجاني الخوئيني قد حصر في موسوعته الكبرى عن فاطمة الزهراء(ع) (ج15، ص33)الأقوال التي ذكرت شهادتها في (21) قولاً من (615) مصدراً، ابتداءً من (28 ربيعالثاني) وانتهاءً بـ (28 شوال) من سنة 11هـ... إلا أن الذي اشتهر بين شيعة أهلالبيت(ع) في عصرنا هي ثلاث أقوال، وفيها يكون إحياء مواسم الفاطمية، وهي:
القول الأول: 8 ربيع الثاني، على رواية بقائها(ع) بعد أبيها(ص) بـ (40) يوماً، وقدورد هذا القول في (54) مصدراً، ويسمى بـ (موسم الفاطمية الأولى).
القول الثاني: 13 جمادى الأولى، على رواية بقائها(ع) بعد أبيها(ص) بـ (75) يوماً،وقد ورد في (108) مصدراً، ويسمى بـ (موسم الفاطمية الثانية).
القول الثالث: 3 جمادى الآخرة، على رواية بقائها(ع) بعد أبيها(ص) بـ (95) يوماً،وقد ورد في (72) مصدراً، ويسمى بـ (موسم الفاطمية الثالثة).
وعلى هذا الأساس من الاختلاف تعددت أيام المناسبة المعبر عنها بـ (أيام الفاطمية)أو (موسم الفاطمية). ولعل في هذا الاختلاف مصالح، كما أن في اختلاف محل قبرهامصالح وبركات ذُكرت في محلها.. ومن بركات هذا الاختلاف: أن يجتمع محبوها ليعقدواعشرات الآلاف من مجالس العزاء والمآتم على مدى شهرين أو أكثر في البلاد الشيعية فيالمساجد والبيوت والحسينيات والمراكز الإسلامية المتشحة بالسواد، ويطعمون الطعامفي يوم شهادتها بكل سخاء، ويرقى الخطباء المنابر ويتحدثون عن السيدة الزهراء(ع)وعن جوانب حياتها الزاخرة بالفضائل والمناقب والمواقف المشرِّفة، ويختمون كلامهمبذكر بعض مصائبها وآلامها التي جرت عليها بعد وفاة أبيها(ص).
وفي الختام، أذكر لكم أيها الأحبة مضمون هذه القصة التي سمعتها قبل سنوات من أحدخطباء المنبر الحسيني نقل بأن أحد علمائنا الأعلام وهو السيد ابن طاووس (رحمهالله) أراد أن يحقق في الروايات التي ذكرت تاريخ وفاة وشهادة الزهراء(ع) ليقف فيالنهاية على أقوى رواية ليكون العزاء والإحياء مقتصراً عليها، ولكنه لما خلد إلىالنوم رأى السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء(ع) وهي تعاتبه وتقول له: (أتستكثر عليَّأن يُحيي الشيعةُ مصيبتي لأكثر من ليلة؟!).. فلما استيقظ عدل عن فكرته في التحقيق،وترك الأمر كما هو جاري على العادة..
نسأل الله التوفيق لجميع المؤمنين الموالين في كل مكان لإحياء وتعظيم المواسموالشعائر الفاطمية، فإنه من تقوى القلوب.