الفنان عبد الرحمن الوكيلالفنان الوكيل الذي شكلت اعماله ومقتنياته الشخصية جوهر المتحف الفني المعاصر في بابل ولد في الحلة عام 1936، ونال دبلوم "معهد الفنون الجميلة" ببغداد 1959، ثم درس النحت والتصميم في كلية تشيلسي بلندن، ودرس طرق صب البرونز في المدرسة المركزية للفنون الجميلة بلندن ايضا، قبل ان يعود الى بلاده ليشغل موقع رئيس قسم النحت والصب في مديرية الآثار العامة، ويتولى مسؤولية الأعمال الفنية والعرض والصيانة للآثار، كما أصبح مدرّس النحت ورئيس قسم الفنون التشكيلية في اكاديمية الفنون الجميلة ببغداد ثم حصل على ماجستير فنون من جامعة بنسلفانيا الأميركيةعلى الرغم من تراجع لافت في مساحة الحياة المدنية والثقافية في اغلب المدن العراقية اثر الفوضى الاجتماعية والسياسية وما نتج عنها من دوامة عنف رهيبة اجتاحت البلاد بعد الغزو الاميركي العام 2003، الا ان محاولات فردية لمثقفين وشخصيات اكاديمية عراقية ما انفكت تشكل خطوات مهمة لاستعادة بعضا من ملامح مدنية وثقافية غادرتها بغداد ومعظم المدن العراقية او كادت.
وعبر مبادرة انضجتها اتصالات بين النحات العراقي المغترب في بريطانيا عبد الرحيم الوكيل، وعدد من مثقفي مدينته الاولى: الحلة (مركز محافظة بابل) قرر الوكيل التبرع باعماله النحتية وهو ما وفر فرصة لاقامة متحف في كلية الفنون الجميلة بجامعة بابل، وهي فكرة كانت راودت عميدها الفنان والاكاديمي فاخر محمد.الوكيل تبرع باكثر من سبعين قطعة نحتية منفذة بالرخام، الحجر، والبرونز، وكان بعضها بارتفاع كبير يزيد عن المتر أحيانا، ويغطي تاريخ تنفيذها مرحلة تمتد الة نحو اربعة عقود من القرن الماضي، وفضلا عن منحوتاته الشخصية، تبرع الوكيل ايضا ببعض مقتنياته الشخصية من اعمال فنانين عراقيين مثل جواد سليم، محمد علي شاكر، علاء حسين بشير وغيرهم .
الناقد صلاح عباس و رئيس تحرير مجلة "تشكيل" الذي كان تابع الاتصالات مع فنان مدينته المغترب يقول عن مبادرة الوكيل انها "مدهشة وسابقة غير معهودة على مدى تاريخ الفن العراقي المعاصر منذ عبد القادر رسام ولحد الان، وانها ثروة هائلة لاتقدر بثمن، اذ ان احد مقتني الاعمال الفنية العراقية، عرض على الفنان عبد الرحيم الوكيل مبلغ اربعين الف باون استرليني مقابل اربعة اعمال متوسطة الحجوم، فماهي القيمة التقديرية لثمن اكثر من سبعين قطعة نحتية كبيرة الحجم تعود لتواريخ ريادية ؟".
ويضيف عباس "اعتقد بان القيمة الاجمالية لمنحوتات الوكيل مع مقتنياته الشخصية تزيد عن مليون دولار اميركي وبلا مبالغة" .
الناقد التشكيلي صلاح عباس كان وفر اتصالا هاتفيا بين الفنان الوكيل وعميد كلية الفنون الجميلة في بابل الرسام والاكاديمي فاخر محمد , عميد وامنت له اتصال هاتفي مع الفنان عبد الرحيم الوكيل الذي ابدى استعداده للتبرع بهذا العدد الكبير من المنحوتات، فيما ابدى محمد سعادة مؤسسته التربوية الفنية بان تكون تلك المجموعة ميلادا ناضجا لفكرة متحف فني معاصر بين جنبات الكلية، وهو ما تحقق لاحقا حين حضر عبد الرحيم الوكيل من لندن متحاملا على اثار اصابته بجلطة دماغية، وزار كلية الفنون الجميلة وعاين القاعة وموقعها، مبديا اعجابه، بينما ابلغه العميد الفنان فاخر محمد "اننا سنستقبل هذا الارث العظيم وسنقيم به معرضا نوعيا لائقا كما اننا سنتبنى مشروع طبع كتاب انيق جدا وبمواصفات عصرية وسيشهد حفل افتتاح المعرض حفلة توقيع الكتاب من قبل الفنان" .
من الاعمال في متحف الفن المعاصر في كلية الفنون الجميلة ببابل
هكذا ولدت فكرة متحف للفن المعاصر في بابل من وفاء نادر لنحات عراقي مغترب هو عبد الرحيم الوكيل، و دأب رسام معروف ومهم في خارطة التشكيل العراقي المعاصر لم يتوقف عن الانشغالات التربوية الوظيفية، بل ظل مخلصا لمعنى انفتاح المؤسسة الاكاديمية على الحياة الثقافية والاجتماعية هو فاخر محمد.
المتحف الذي جالت "الحياة" في قاعاته المتداخلة بدا لا يقل اهمية في مساحته ومعروضاته عن متاحف فنية في مؤسسات عريقة، ونفذ بجهود ذاتية وبكلف بسيطة ليتبلور معلما تحاول فيه مدينة الحلة استعادة بعض ملامحها المدنية والحضارية التي لطالما عرفت بها عراقيا وعربيا وانسانيا.
وفضلا عن اعمال الفنان الوكيل وعدد من الرسامين والنحاتين العراقيين ومن اجيال مختلفة، ضم المتحف اعمالا لاساتذة كلية الفنون الذين يشكلون مشهدا بانوراميا في التشكيل العراقي المعاصر