- يا أمه ... مالك تستقرئين السماء ..؟؟؟
قالها بلطف وهو ينظر الى أمه التي امتد بها العمر الى ساحق , وضعف نظرها الى كلالة ..
- لا أعرف يا ولدي , ولكنها السماء ... رغم خفوت ضوؤها في بصري , الا اني ارى في قبتها كآبة تصطبغ بحمرة الخجل ... أمر محير !!
....
هكذا عهد ( سحاب ) أمه منذ الصغر , حين يراها تطالع السماء ليلا او نهارا ,
يعلم أن ثمة أمر حدث أو سيحدث ...
تعلمت أمه الكهانة منذ نعومة اظافرها على يد أبرع الكاهنات في عصر الجاهلية ,
وبعد اسلامها , لم تنج من خطرات السماء وهي تريها أشياء لا يراها غيرها ,
على الاقل ابنها الذي كان يضحك في سره من حركاتها وهو ينظر اليها باستراق ,
ثم سرعان ما يرد على مسامعه خبر عظيم أو حالة تثيب عقله الى صحة ما تراه هذه العجوز الطاعنة في السن ...
- كيف تجتمع الكآبة والخجل في لون واحد يا أماه ..؟؟
يتسائل بحذر لئلا تشك بأنه لا يصدق ما تقول فتكف عن اعلامه بما تراه ...
- يا ولدي , لم يخني بصري منذ ان عرفت أن للسماء لسانا من صور
, تطلقه بالوان زاهية لمن لا يعلم , و اخبار لمن يعلم ...
ارى السماء اليوم شبيهة بحالها حين ولدت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله ...
تعلوها كآبة وحزن ممزوج بفرحة خجلى وطيف يرسل ابتسامات تكاد تشق ثوب الشجن
, لكنها لا تستطيع ... لا تستطيع !!
وتستدرك ...
- اتذكر حين اخبرتك ليلة ولادة ابنها الحسن عليه السلام قبل سنة كيف ان اخضرارا غريبا يطوق السماء ويلف نجومها كوشاح استبرقي ..؟؟
يجيبها ولدها متفكرا في السماء ..
- نعم , نعم اتذكر , فما - يا ترى - تخبرك السماء اليوم بما ترين ..؟؟؟
- بفرحة حزينة ... او حزن مفرح ... قل جنت العجوز , وسياتيك خبر ما ذكرت لك !!
نظر ( سحاب ) الى حاله وهو يقف بجوار والدته وهي تخبره بهذه الكلمات , فضحك في سره على ما قالت , وغير نبرة كلامه بصعوبة ليستأذن أمه ويخرج من باب الدار ويلتحق بصلاة الجماعة في مسجد النبي صلى الله عليه واله ..
- أنا ذاهب للصلاة يا أمي ... ألكِ حاجة ..؟؟
- كلا يا ولدي , عد بسلام , واخبرني بما يكون ...
ذهب الى المسجد , وفي الطريق , رأى مجموعة من النساء متجهات صوب بيت فاطمة صلوات الله عليها , استمر بالسير , وحين تراءى له المسجد رأى الناس متجمهرين بكثرة أمام الباب وهم يكبرون ويهللون ...
وقبل أن يستفسر عن الأمر جائته الاصوات من داخل المسجد بالبشرى
- ولد الحسين بن علي .. ولد الحسين بن علي !!
بقلمي
22-5-2015
الامير