بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
الصـراط المستقيـم فـي الدنيـا والآخـرة !
" وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ ( يا محمد ) لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ "
من هو المرسل ؟
هناك فرق بين النبي والمرسل .
المرسل أخص من النبي ، فالنبي بمعنى المعطي والمقدم للنبأ ، والرسول والمرسل بمعنى المبعوث .
في رواية أن الإمام الباقر (ع) سئل عن الفرق بين الرسول والنبي ، فقال (ع) ما مؤداه : النبي هو الذي يسمع الصوت ولكنه لا يرى الملك ، فهو يتلقى الوحي من الغيب ، والرسول هو ذاك الذي يرى الملك (واسطة الوحي) ، فهو يسمع وحي الله ويؤمر بأن يهدي الناس ويدعوهم إلى الله ، هو مبعوث ، هو رسول الله ، فالنبي أي المتلقي للوحي ، وهو أعم من أن يكون معه أمر بالدعوة أولا يكون .
عن أبي ذر (ره) قال : قلت يا رسول الله ، كم النبيون ؟ قال : (( مئة ألف واربعة وعشرون ألف نبي ))
قلت : كم المرسلون منهم ؟ قال : (( ثلاثمئة وثلاثة عشر ، جماً غفيراً )) "سفينة البحار ج 2 ص 565 "
(عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) : أي : خبراً بعد خبر باستمرار ، حقاً أنك لمن المرسلين من جانب الله لهداية ودعوة الخلق . إضافة إلى ذلك ، فأنت على الصراط المستقيم ، وكذلك من اتبعك فهو أيضاً على الصراط المستقيم .
ماهية الصـراط المستقيـم فـي الدنيـا والآخـرة !
. إن الصراط في الدنيا ويوم القيامة موضوع نجريه على ألسنتنا كل يوم عدة مرات : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ) .
ما الفرق بين الصراط في الدنيا الذي نتحدث عنه لقولنا : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ) والصراط في الآخرة الذي يجب الاعتقاد به ؟
أولاً : الصراط تعني الطريق ، وكذلك إذا ما بلغنا أي شيء فما كان الوسيلة لبلوغه يسمونه طريق ذلك الشيء وصراطه ، وذلك الشيء الذي يتوسل بلوغه ، هو الهدف .
والهدف مرة يكون أمراً مكانياً , تريدون أن تذهبوا إلى مكة المعظمة ، يقولون صراط مكة من هذا الطريق . وإذا كان الهدف أمراً معنوياً فطريقه – قطعاً – يتناسب معه .
مثلاً : الشخص المريض طريق شفائه هو الطبيب وتناول الدواء . أما الحمية فهي صراط صحة البدن أو لنأخذ التجارة مثلاً ، فواسطتها السوق والدكان والبضاعة والبيع والشراء ، أو أن أحدهم يريد أن يصبح طبيباً ، فسبيله إلى ذلك الدرس والتعلم في كلية الطب . وهكذا .
التوحيد هو الصراط المستقيم للقرب من الله
إذا كان هدفك الأساسي القرب من الله والسعادة الخالدة ، وبلوغ الجنة والنجاة والدرجات ، فما هو السبيل إلى ذلك ؟
ما هو الطريق الذي يتوجب عليك سلوكه حتى تصل إلى الجنة وقرب رب العالمين ؟
لاشك أن لذلك طريقاً ، إذ لا بد من وجود طريق تؤدي إليه ، فلكل شيء طريق وواسطة .
((فيا من هدفه رب العالمين ، والمعارف ، ودرجات آل محمد (ص) ، إليك الطريق ، فقد دلنا الله على الصراط المستقيم في هذه السورة المباركة بالذات ، سورة ((يس)) إذ قال : (وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) ، إن التوحيد هو الصراط المستقيم ، أن يعبد الله فقط ، وليس غيره مهما كان هذا الغير .
فالذي يمشي على طريق معوجه لن يبلغ مقصده ، تماماً كمن يقترف الذنوب أو يتجبر ، فهو قد انحرف عن صراط العبودية ، وأعطى ظهره لمقصده ، حين ابتعد عن الصراط المستقيم ، المرائي أيضاً يسقطه رياؤه في طريق جهنم ، فمحال أن يسلك أحد سبيل المشرق ثم يصبح قريباً من المغرب ، أن يذنب أحداً ثم يصبح قريباً من الحسين (ع) ، أن يزرع أحد بطيخاً ثم يحصد حنظلاً ، أو أن يزرع حنظلاً فيحصد بطيخاً (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) سورة البقرة : الآية 286 .في أي صراط أنت ؟ في صراط ذاتك ؟ في صراط النفس والهوى والشيطان ؟
أم في الصراط الذي يوصلك إلى محمد والجنة وقرب رب العالمين ؟
(وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) . الصدق والإخلاص لله ، هذا هو الصراط المستقيم .
وفي الصلاة حيث عليك أن تقرأ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ) عشر مرات يومياً على الأقل .
إلهي أعوذ بك أن أكون مصداق قولك الكريم : (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) سورة الكهف : الآية 104 .
فمن ابتلي بالجهل المركب يتصور أنه مسرع إلى الجنة لكنه يجهل أنه يرجع القهقرى وينحدر إلى الهاوية