تمكن فريق تشيلسي الإنجليزي من التغلب على برشلونة الإسباني بهدف دون رد لحساب ذهاب الدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا ليرتحل إلى كامب نو بأسبقية جيدة تجعل الأمور صعبة على رجال جوارديولا خصوصاً بعد الأداء الدفاعي الرائع الذي قدمه الفريق اللندني في ستامفورد بريدج، ما يفرض على الفني الإسباني صاحب الـ 41 عاماً البحث عن حلول فعالة لمعالجة العقم التهديفي للفريق الكتلاني في لقاء الأربعاء الماضي.
سأتقمص في هذا الموضوع دور المدير الفني لبرشلونة "بيب جوارديولا" لأرى كيف يمكن للفيلسوف قلب الأمور رأساً على عقب وإنقاذ موسم البرسا بعد أن حسم ريال مدريد الليجا لصالحه "إكلينيكيا" بعد فوزه في الكلاسيكو يوم السبت الماضي بهدفين مقابل هدف واحد.
أهداف المواجهة
لاحظ مشاهدو الكلاسيكو الأخير كيف انهار برشلونة بدنياً في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة، ما سمح لعناصر ريال مدريد باستهلاك ما تبقى من عمر المباراة بطريقة شرعية وذكية للغاية للحفاظ على فوز غالٍ على الغريم التقليدي في عقر داره، مكنه من حسم لقب الليجا لصالحه بنسبة لا تقل عن 99% !.
إذاً، على برشلونة أن يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يحسم بطاقة التأهل لصالحه خلال الوقت الأصلي من عمر المباراة، حيث أن امتداد اللقاء للشوطين الإضافيين لن يكون في صالح الفريق الكتلاني ذي التشكيلة غير العميقة وبالتالي فإن لاعبي البرسا ليسوا في أفضل حالاتهم على المستوى البدني نتيجة لتتالي المباريات.
الاستراتيجية
من هذا المنطلق، فإن التشكيلة التي سأبدأ بها المباراة ستكون كالتالي: فيكتور فالديس في حراسة المرمى، أمامه أربعة مدافعون: داني ألفيش كظهير أيمن، ماسكيرانو وجيرارد بيكيه قلبي دفاع وكارليس بويول في الجانب الأيسر.سيرجيو بوسكتس سيأخذ مكاني الطبيعي كلاعب ارتكاز في وسط الميدان، وأمامه الثنائي تشافي وإنييستا، وفي الهجوم: بيدرو رودريجيز كجناح أيسر، أليكسس سانشيز في العمق وخلفه ليونيل ميسي.
أولاً: الاستراتيجية الدفاعية ستقوم على الضغط العالي على عناصر تشيلسي في وسط ملعبهم مع دفاع متقدم من أجل نصب مصيدة التسلل للمهاجم الإيفواري الخطير ديديه دروجبا. يتعين على عناصر الفريق الكتلاني سرعة افتكاك الكرة من لاعبي تشيلسي وإجهاض محاولات بناء الهجمات المرتدة التشيلساوية مبكراً لخلق ضغط متواصل ومستمر على دفاعات البلوز وهذا الضغط من دون شك سوف ينتج عنه أخطاء من قبل جون تيري ورفاقه.
ثانياً: أما الاستراتيجية الهجومية فسترتكز على اللعب المباشر دون تحضير طويل الأمد كما اعتاد لاعبو برشلونة، لأن كل دقيقة ستمر من لقاء الكامب نو والنتيجة لا تزال على البياض سيكون ذلك في مصلحة تشيلسي على المستوى النفسي على أقل تقدير، فسيطرة برشلونة على الكرة لفترات طويلة في المناطق غير الحيوية من منتصف ملعب تشيلسي لن يكون في صالحه أبداً. لذا، فإنه يتعين على برشلونة أن يعتمد على اللعب المباشر و"السريع" من أجل خلخلة دفاعات الفريق الضيف الحصينة جداً.
ثالثاً: يحتاج برشلونة لانتزاع بطاقة العبور إلى نهائي أليانز أرينا في الدقائق التسعين، ولكن لا يجب أن يدخل البرسا لقاء الثلاثاء بهدف تسجيل هدفين دفعة واحدة لأن ذلك من شأنه أن يخلق ضغوطاً رهيبة على عناصر الفريق الكتلاني المتأثرين نفسياً من الأصل من هزيمتين ثقيلتين إحداهما أمام الغريم الأزلي ريال مدريد.
لابد أن يدخل لاعبو برشلونة مباراة الثلاثاء بهدوء باحثين فقط عن هدف واحد لمعادلة الكفة وقبل البحث عن الـ 1-0، لابد أولاً من الحفاظ على 0-0 لأن تقدم تشيلسي في النتيجة سيتطلب أن يبذل ميسي ورفاقه جهوداً مضاعفة من أجل هز شباك تشيك في ثلاث مناسبات وهم الذين لم ينجحوا في فعل ذلك ولو لمرة واحدة في الذهاب !.في حال أحرز برشلونة هدفه الأول، لابد كذلك من التفكير في كيفية المحافظة على تلك النتيجة قبل محاولة إضافة الهدف الثاني، فإدراك تشيلسي للتعادل في ذلك التوقيت سيكون قاتلاً على الأقل معنوياً للاعبي البرسا.
التكتيك
كيف ينجح ميسي ورفاقه فيما فشلوا فيه في لقاء الذهاب، وهو التسجيل؟ .. لابد أن يحصل برشلونة على الكثير من الفرص أمام المرمى وليس فرصة أو اثنتين فتشيلسي لديه حارس بارع اسمه بيتر تشيك قادر على التصدي لهاتين الفرصتين !.
برشلونة عليه أن ينوع في هجماته ولكن مع التركيز على الهجوم من خلال الرواق الأيسر أينما سيتواجد بيدرو رودريجيز. اختيار الرواق الأيمن الدفاعي لتشيلسي لشن الهجمات الكتلانية يأتي على خلفية أن عناصر النصف الأيمن من وسط ملعب تشيلسي "لامبارد وماتا" وكذلك دفاعه "إيفانوفيتش" قدراتهم الدفاعية أقل كفاءة من نظيراتها في النصف الأيسر "ميريليش وراميريس وآشلي كول". بيدرو وإنييستا مع ميل ميسي وسانشيز قليلاً إلى الجهة اليسرى سيقدرون على خلق مشاكل كبيرة لدفاعات تشيلسي من ناحيتها اليمنى. هذا الأمر سيترتب عليه شيئان هامان جداً، الأول: ستصبح الأعين غافلة بعض الشئ عن داني ألفيش، الظهير الأيمن صاحب النزعة الهجومية، والذي من الممكن أن يتم استغلال قدرته على التوغل من الرواق الأيمن إلى العمق في لعب الكرات الساقطة له عن طريق تشافي أو ميسي خلف آشلي كول ثم يلعب البرازيلي الكرة بالعرض إلى سانشيز ، ميسي أوتشافي، أما الثاني، فمع قيام أليكسس بعمل عمق هجومي سيضطر كلٌ من كاهيل وتيري للتمركز في الخلف لمراقبة التشيلياني، اللاعب الأقرب في صفوف برشلونة إلى مرمى تشيك، ما سيترتب عليه أن مراقبة ميسي ستكون مهمة أوبي ميكيل وحده دون معاونة من أيٍ من قلبي الدفاع، وهنا، مع تحرك ميسي ناحية اليسار سيسحب ميكيل معه، ويصبح بإمكان تشافي التوغل في العمق في ظل مراقبة ميريليش الذي سيغطي في العمق على النيجيري، الأمر الذي من الممكن أن يستثمره قائد البرسا الثاني على خلفية أن البرتغالي غير متمرس على مثل هذه المواقف الدفاعية في مقابل خبرات كبيرة لمايسترو برشلونة الذي طالما سجل أهدافاً بهذا الشكل.
أما في حالة كشف هذا المخطط، فعلى ميسي أن يعود إلى الخلف إلى غرفة العمليات الكتلانية مع كلٍ من تشافي وإنييستا وينضم إليهم ألفيش ليصبح لدى برشلونة أربعة صناع لعب على أعلى مستوى يخططون للهجمات، وفي ظل تبادل للمراكز بين بيدرو وسانشيز في عمق دفاعات تشيلسي مع كرة سريعة، بالتأكيد سيفلح مثلث برمودا الكتلاني في اختراق حصون تشيلسي.
الكرات الثابتة إحدى الحلول الفعالة للتسجيل بالنسبة لبرشلونة لوجود الثنائي تشافي وميسي، الذي يسدد بشكل جيد للغاية من الضربات الحرة المباشرة على المرمى، وبالتالي فإن فشل ميسي في الاختراق، عليه أن يعمل بذكاء على الحصول على مخالفات في مناطق قريبة من مرمى تشيك. الركلات الركنية أيضاً مطالب البرسا باستغلالها واستثمار نقطة ضعف البلوز حيث سوء التمركز في الركلات الثابتة لصالح الخصم، ومع صعود بيكيه وبويول، يمكن لبرشلونة أن يخطف هدفاً من تلك الكرات.
نتطرق إلى كيفية التصرف خلال الحالة الدفاعية والهجمات المرتدة لتشيلسي. مع تقدم ألفيش قليلاً مقارنةً بزملائه المدافعين، سيبقى في الخلف الثلاثي: بويول على اليسار، بيكيه في العمق، وماسكيرانو سيغطي خلف ألفيش مع تواجد بوسكتس أمام هذا الثلاثي. إيقاف دروجبا ستكون مهمة الثنائي بيكيه وبوسكتس مع تجنب ارتكاب مخالفات من شأنها أن تساعد عناصر تشيلسي على التفاط أنفاسها من الضغط الكتلاني المستمر، بويول ستكون مهمته التصدي لماتا وماسكيرانو سيقابل راميريس إن أفلت من ضغط ألفيش المبكر عليه.
مفاتيح
تشافي هيرنانديز: تحركه بذكاء وتناغمه مع إنييستا وميسي قد يصنع الفارق لصالح برشلونة يوم الثلاثاء، ولكن عليه أن يستغل أنصاف الفرص وليس كما فعل في الكلاسيكو عندما أهدر الفرصة الرائعة التي منحها له ميسي وتصدى لها كاسياس باقتدار.
ليونيل ميسي: تواجد أليكسس منذ البداية أمام تشيلسي سيساعد الليو كثيراً على استعادة مستوياته المعهودة، وإذا استعاد ميسي بريقه، فإن برشلونة في النهائي لا محالة !.
أليكسس سانشيز: صادفه سوء حظ غريب في لقاء الذهاب، ولكنه لاعب يقوم بدور تكتيكي رائع. عليه أن يخلق للبرسا عمق هجومي لتخفيف الكثافة الدفاعية على ميسي.
داني ألفيش: أحد صناع اللعب الهامين جداً لبرشلونة ولميسي على وجه التحديد. سرعته وتفاهمه الكبير مع الليو قد يرجح كفة البلاوجرانا في موقعة الكامب نو.
جيرارد بيكيه: لاعب يرتكب أخطاءً كارثية أحياناً، ولكن لا غنى عنه في تشكيلة برشلونة. عودته في مباراة الثلاثاء قد تُعيد لدفاع البرسا هيبته، وإذا ظهر برشونة بمستوى جيد جداً دفاعياً، فإنه سيتأهل على حساب تشيلسي !.
التصدي للمفاجآت
ستتصعب الأمور بشكل رهيب على برشلونة إن نجح دروجبا ورفاقه في افتتاح باب التسجيل، لأنه سيتعين على برشلونة وقتها تسجيل ثلاثة أهداف من أجل المرور إلى الدور النهائي من دوري الأبطال.إن حدث ذلك مبكراً، فعلى برشلونة أن يهاجم بكثافة شديدة وأن يلعب الكل في الكل فلم يعد لديه ما يخسره، المهم هو أن "يُسرع" برشلونة في لعبه ولكن دون تسرُّع.وإن استمرت النتيجة على هذا الحال، فمن الممكن أن يجري جوارديولا تبديلاً بنزول كوينكا على حساب ماسكيرانو ويلعب البرسا بثلاثي دفاعي مكون من: بويول على اليسار، بيكيه في العمق وداني ألفيش ناحية اليمين، وإن ازدادت الأمور تعقيداً فقد يكون الحل هو نزول فابريجاس على حساب بوسكتس.استغلال الأوراق البديلة سيكون من خلال الاستراتيجية التالية: تيّو من الممكن نزوله على حساب بيدرو إن لم يظهر صاحب الـ 23 عاماً بمظهر طيب، فابريجاس قد يكون خياراً ممتازاً إذا حقق برشلونة مراده من المباراة بتسجيل هدفين فحينها يمكن أن يشارك سيسك على حساب بيدرو من أجل مزيد من السيطرة على الكرة وقتل المباراة. أدريانو كوريا قد يأخذ مكانه في تشكيلة البرسا إن لم يستطع ألفيش إكمال المباراة للإصابة مثلاً، وقتها يمكن أن يلعب بويول كظهير أيمن ويتواجد أدريانو على الرواق الأيسر وهنا سيدعم بيدرو وإنييستا بشكل جيد جداً في الحالة الهجومية.إن تعرض أحد مدافعي برشلونة للطرد على سبيل المثال، فالتضحية من الضروري أن تكون ببيدرو ونزول أدريانو على حسابه، مع تواجد لاعبين فقط في الخط الأمامي: ميسي وسانشيز، ينضم إليهما إنييستا في الرواق الأيسر خلال الحالة الهجومية.
النتيجة المتوقعة
مباراة الثلاثاء ستكون صعبة للغاية على الفريقين. صحيح أن تشيلسي لديه أفضلية نسبية من خلال هدف دروجبا في الدقيقة الثانية من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع من أحداث الشوط الأول من لقاء البريدج، ولكن نجوم برشلونة قادرون على قلب الطاولة في كامب نو وسط هتافات الأنصار، ولكن بشرط ألا يتفلسف بيب جوارديولا بشكل زائد عن الحد وأن يكف عن اعتبار برشلونة "حقل تجارب"، خصوصاً في ظل هذه المرحلة الحرجة من الموسم، وفي ظل ضياع الدوري للغريم التقليدي ريال مدريد.
النتيجة المتوقعة: فوز برشلونة 0/2.