قال ابن عباس: سمعت رسول الله (ص) يقول:
إن لله تبارك وتعالى ملكاً يقال له دردائيل كان له ستة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء والهواء كما بين السماء إلى الارض, فجعل يوماً يقول في نفسه: أفوق ربنا جل جلاله شيء؟ فعلم الله تبارك وتعالى ما قال فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان وثلاثون ألف جناح, ثم أوحى الله عز وجل إليه أن طر, فطار مقدار خمسين عاماً فلم ينل رأس قائمة من قوام العرش, فلما علم الله عز وجل إتعابه أوحى إليه أيها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم فوق كل عظيم وليس فوقي شيء ولا أوصف بمكان فسلبه الله أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة, فلما ولد الحسين بن علي (ع) وكان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى الله عز وجل إلى مالك خازن النار أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد, وأوحى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان وطيبها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى حور العين تزين وتزاورن لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا, وأوحى الله عز وجل إلى الملائكة أن قوموا صفوفاً بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا, وأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل(ع) أن اهبط إلي نبيي محمد في ألف قبيل والقبيل ألف ألف من الملائكة على خيول بلق, مسرجة ملجمة, عليها قباب الدر والياقوت, ومعهم ملائكة يقال لهم: الروحانيون, بأيديهم أطباق من نور أن هنئوا محمد بمولود, وأخبره يا جبرئيل أني قد سميته الحسين, وهنئه وعزه وقل له: يا محمد يقتله شرار أمتك على شرار الدواب, فويل للقاتل, وويل للسائق, وويل للقائد, قاتل الحسين أنا منه برئ وهو مني برئ لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد إلا وقاتل الحسين (ع)أعظم جرماً منه, قاتل الحسين يدخل النار, يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع الله إلها آخر, والنار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع الله إلى الجنة.
قال: فبينا جبرئيل يهبط من السماء إلى الارض إذ مر بدردائيل فقال له دردائيل: يا جبرئيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا؟!! قال: لا ولكن ولد لمحمد مولود في دار الدنيا وقد بعثني الله عز وجل إليه لأهنئه بمولوده فقال الملك: يا جبرئيل بالذي خلقك وخلقني إذا هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام وقل له: بحق هذا المولود عليك إلا ما سألت ربك أن يرضى عني فيرد علي أجنحتي ومقامي من صفوف الملائكة فهبط جبرئيل على النبي (ص) فهنأه كما أمره الله عز وجل وعزاه فقال له النبي (ص): تقتله أمتي؟ فقال له: نعم يا محمد, فقال النبي (ص): ما هؤلاء بأمتي أنا بريء منهم, والله عز وجل بريء منهم, قال جبرئيل: وأنا بريء منهم يا محمد.
فدخل النبي (ص) على فاطمة (س) فهنأها وعزاها فبكت فاطمة (س) وقالت: يا ليتني لم ألده, قاتل الحسين في النار , فقال النبي (ص): وأنا أشهد بذلك يا فاطمة ولكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية بعده, ثم قال(ع): والأئمة بعدي الهادي علي, والمهتدي الحسن, والناصر الحسين, والمنصور علي بن الحسين, والشافع محمد بن علي, والنفاع جعفر بن محمد, والأمين موسى ابن جعفر, والرضا علي بن -موسى, والفعال محمد بن علي, والمؤتمن علي بن محمد, والعلام الحسن بن علي, ومن يصلي خلفه عيسى بن مريم القائم(ع) فسكتت فاطمة(س) من البكاء.
ثم أخبر جبرئيل النبي (ص) بقصة الملك وما أصيب به, قال ابن عباس: فأخذ النبي (ص) الحسين(ع) وهو ملفوف في خرق من صوف فأشار به إلى السماء, ثم قال: اللهم بحق هذا المولود عليك لا بل بحقك عليه وعلى جده محمد وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب إن كان للحسين بن علي ابن فاطمة عندك قدر, فارض عن دردائيل ورد عليه أحنجته ومقامه من صفوف الملائكة فاستجاب الله دعاءه وغفر للملك ورد عليه أجنحته ورده إلى صفوف الملائكة فالملك لا يعرف في الجنة إلا بأن يقال: هذا مولى الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (ص( .
******
إكمال الدين ص282، عنه البحار ج43 ص248/ ج56 ص148، مدينة المعاجز ج3 ص432، حلية الأبرار ج3 ص105، غاية المرام ج1 ص147/ ج2 ص167, العوالم ص13، التفسير الصافي ج4 ص229.