تحليل قصيدة تموز جيكور
بدر شاكر السياب من أهم شعراء العراق بل ومن أهم شعراء الوطن العربي ويعد من مؤسسي الشعر الحر في الأدب العربي .ولد في قرية جيكور في مدينة أبو الخصيب وبعد أن قضى فيها طفولته ماتت أمه واضطر للإنتقال للبصرة لإستكمال دراسته والتي كانت عن اللغة العربية لحبه للشعر واللغة .وقد عرف ميوله للسياسة ونزعته اليسارية كما كان له باعٌ طويلٌ في النضال لتحرير العراق من النفوذ الإنجليزي . و في قريته الحبيبة جيكور والتي نظم فيها قصيدته تموز جيكور والتي نحن بصدد تحليلها الآن
.ناب الخنزير يشقّ يدي
و يغوص لظاه إلى كبديو دمي
يتدفق ينسابلم يغد شقائق أو قمحا
لكنّ ملحاعشتار
و تخفق أثوابو ترف حيالي
أعشابمن نعل يخفق كالبرقكالبرق
الخلب ينسابلو يومض في عرقي
نور فيضيء لي الدنيالو
أنهض لو أحيالو أسقى آه لو أسقيلو أن عروقي
أعنابو تقبل ثغري عشتار
فكأن على فمها ظلمةتنثال علي
و تنطبقفيموت بعيني الألقأنا و العتمة,,,
جيكور ستولد جيكور
النور سيورق
و النورجيكور ستولد من جرحي
من غصة موتي
من ناريسيفيض البيدر
بالقمحو الجرن سيضحك للصبح
و القرية دارا عن دارتتماوج أنغاما
حلوةو الشيخ ينام على الربوة
و النخل يوسوس أسراري
جيكور ستولد لكنّيلن أخرج فيها من سجني
في ليل الطين الممدودلن ينبض قلبي
كاللحنفي الأوتارلن يخفق فيه سوى الدود
,,,,
هيهات أتولد جيكورإلا من خضة ميلادي ؟
هيهات أينبثق النورو دمائي تظلم في الوادي ؟أ
يسقسق فيها عصفورو لساني كومة أعواد ؟
و الحقل متى يلد القمحاو الورد
و جرحي مغفورو عظامي
ناضحة ملحالا شيء سوى العدم العدمو الموت هو الموت
الباقييا ليل أظلّ مسيل دمي
و لتغد ترابا أعراقي
هيهات أتولد جيكورمن حقد الخنزير
المتدثّر بالليلو القبلة برعمة القتلو الغيمة رمل منثوريا جيكور.
هذه القصيدة الشعرية الرائعة والتي يعبر فيها الشاعر بنظام السطر الشعري عن رؤيته الخاصة تجاه قريته جيكور ، وهي مأخوذة من ديوان الشاعر ( أنشودة المطر).
يتكون العنوان من كلمتين هما : تموز : وهو إله الخصب والحياة في الأسطورة البابلية قتله خنزير بري فنزل إلى العالم السفلي المظلم ، فماتت الطبيعة بموته ، فبدأت حبيبته عشتار في البحث عنه بدون جدوى ، فأدميت قدماها و نبتت مكان نقط الدم شقائق النعمان ثم نزلت إلى العالم السفلي حيث وجدته وقبلته ثم عاد إلى الحياة، و مع صعودهما إلى الأرض مرةً أخرى حل فصل الربيع . أما الكلمة الثانية فهي رمز للخصب الآخر في حياة الشاعر وهي جيكور قريته التي احتضنت طفولته وذكرياته .
يتخيل الشاعر أن الخنزير البري الذي قتل تموز نال منه أيضاً فسال دمه ، ولكنه دم لم ينبت شقائق النعمان ولكنه أنبت ملحاً ، بعد ذلك يتوجه بالخطاب إلى عشتار ويتمنى لو أنها تُقَبِّله ، وإن كانت قُبلتها مظلمة ، في المقطع الثاني يؤكد الشاعر أن جيكور ستولد من جرحه ومن غصة موته وستنبت الأرض قمحاً و تورق الطبيعة ويفرح الناس ، ولكنه سيبقى وحده حزيناً مسجوناً يخفق في قلبه الدود . في المقطع الثالث يتراجع الشاعر عن حلمه بميلاد جيكور ويتساءل مستنكراً: كيف لها أن تولد من جديد في وقت تظلم فيه دماء الشاعر في الوادي ، و تنضح عظامه بالملح .