"من غشنا فليس منا" .. أول حديث نبوي شريف نتعلمه عندما نجلس على مقاعد الدراسة بأظفار ناعمة، ثم نكبر فتقسو قلوبنا ونرى الغش والتلاعب والتزوير والظلم في كل مكان.
كرة القدم ليست استثناء او انشقاقا عن القاعدة، بل أن الملف الذي بين ايدينا هنا يؤكد أنها في قلب "المعمعة".
الخطر يقول.. أنه قد يأتي يوم ويفوز فريقك المفضل، فترقص وتغني ولكنك في الحقيقة تعيش حلما زائفا خال من اي حقيقة، كما أن فوز فريقك ايضا خال من الشرف والنزاهة.
البريطاني اليكس انغلوت مدير الاتصال في سبورت رادار كان ضيفا على كووورة في ختام أعمال مؤتمر سوكراكس في البحر الميت، حيث تحدث عن ملف خطير يهدد كرة القدم العالمية وهو التلاعب في المباريات على نطاق واسع في العالم.
الخبير الدولي قدم أيضا نصائحه للاتحادات العربية، مطالبا إياها بتوعية اللاعبين وتثقيفهم ومراقبتهم، وتاليا الحوار كاملا:
كووورة : كيف يعمل نظام سبورت رادار؟
اليكس: نظامنا يعمل منذ 10 سنوات ويساعد على تحليل 10 العاب مختلفة ويقوم حاليا بمراقبة 250 منافسة حول العالم ويتأكد من نزاهة ومصداقية 65 ألف مباراة في العام الواحد.
يتواجد مكتبنا الرئيسي في لندن ونملك مكتبين اقليميين في هونغ كونغ وسيدني، وهذا يعني 24 ساعة عمل بدون توقف، وينقسم النظام إلى مرحلتين الأولى تكنولوجية والثانية بشرية.
لدينا قاعدة مذهلة من البيانات حول المباريات في كل أنحاء العالم ومن خلال نظام تحليل وتدقيق عبر اجهزة الكمبيوتر يتم رصد كل ما يتعلق بهذه المباريات وفي حال رصد أي شيء غريب يقوم النظام بإطلاق الإنذار.
هنا يأتي عمل المحققين ولدينا 35 محققا على اعلى المستويات العالمية، حيث يتعين التأكد من صحة هذا الإنذار وسأضرب مثالا سهلا لهذه الحالة.
فلو فرضنا أن واين روني لم يشارك في مباراة مانشستر يونايتد يوم السبت بسبب إصابة تعرض لها في التدريب يوم الجمعة، فإن جهاز الانذار سينطلق لأنه لا يعلم ماذا حصل، حيث تأتي المهمة لخبراء التحقيق وهنا يتم التأكد من شفافية الأمر ونزاهة النتيجة.
وفي المقابل إذا توافقت شكوك المحقق مع جهاز الإنذار تبدأ عملية إعداد تقرير مفصل عن الواقعة ويتم ارساله من 40 إلى 50 صفحة إلى الجهة المسؤولة عن المباراة، ولهم بعد ذلك قرار التوسع في الأمر والتحقيق الشرطي وحتى التوجه للقضاء.
كووورة : هل لديكم ارتباط مع الشرطة وجهات التحقيق في العادة؟
اليكس: نعم .. نعمل مع أجهزة الشرطة والتحقيقات يدا بيد، ولدينا خبراء قانونيون في هذا المجال، وفي النمسا على سبيل المثال ذهب مؤخرا محقق من سبورت رادار إلى المحكمة وأدلى بشهادته وتم إدانة 6 أشخاص بينهم لاعبين سابقين وأقرباؤهم.
كووورة : كم عدد الحالات التي تم التحقيق فيها من قبلكم؟
اليكس: كثيرة جدا.. في العام 2014 كان لدينا 1800 تقرير عن شبة تلاعب في مباريات، وهو رقم كبير لأننا نراقب 65 ألف مباراة في العام الواحد، وفي السنوات الأخيرة كانت لدينا نسبة 1 بالمئة من المباريات التي نراقبها تحت الشكوك والشبهات، ويكفي ان نعلم أن 97 شخص تم تحويلهم للقضاء العام الماضي بناء على تقارير سبورت رادار.
كووورة : كيف يأتي تمويلكم.. ومن هي الجهة الرئيسية التي تعملون معها؟
اليكس: طبعا يأتي تمويلنا من الاتحادات التي نتعاقد معها، وأهم عملاءنا هو الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي يطلب منا مراقبة كل الدوريات الكبرى في قارة أوروبا وبطولات الكؤوس.
كووورة : هل لديكم تواجد في العالم العربي أو منطقة الشرق الأوسط؟
اليكس: لا نتواجد في افريقيا نهائيا لعدم وجود اتحاد طلب خدماتنا، ولكن في آسيا لدينا بعض العمل في شرق القارة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الاتحاد الأسيوي طلب منا التحقيق في نهائي دوري الأبطال بين الهلال السعودي وسيدني الاسترالي العام الماضي، بسبب الشكوك السعودية الكبيرة حول الحكم الياباني، وقد خلصت تحقيقاتنا إلى سلامة الإجراءات حيال تعيينه.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن ظاهرة التلاعب في المباريات هي ظاهرة عالمية، ونحن ننظر إلى الظروف المحيطة بكل دولة، وإذا كانت هناك بيئة حاضنة لهذا الأمر من عدمه، وقد خلصت دراساتنا المتعددة إلى أن اللاعبين الأقل ثقافة وتوعية هم الأكثر عرضة للتضليل والدخول في آفة التلاعب، كما أن اللاعبين الذين لا يتقاضون رواتبهم في الوقت المحدد أو من تكون رواتبهم أقل من غيرهم هم أيضا عرضة لهذا الخطر.
كووورة : إذا دول الخليج أقل عرضة للخطر من غيرها لأن الأوضاع المالية للأندية أفضل؟
اليكس: العامل المالي ليس وحده المؤثر، فهناك أيضا عدم المعرفة أو الثقافة، ونحن في سبورت رادار نعمل على دورات تثقيف للاعبين وتوعيتهم من أخطار التلاعب في المباريات.
لا أجزم أن هناك تلاعب مثلا في السعودية او الإمارات أو قطر أو غيرها من جدول الخليج، ولكن من كان يظن أن نكتشف تلاعبا في فلندا مثلا وهي دولة غنية.
وهنا لا بد من التحذير من أن اللاعب الذي يقع في الغش مع جهات معينة لا يستطيع التراجع بعدها بسبب أنهم يقومون بابتزازه لاحقا لمواصلة تنفيذ ما يطلبونه كلما أرادوا ذلك.
كووورة : نعرف أن الدوري الايطالي سقط في مستنقع التلاعب، ولكن هناك الآن اشارات إلى الأمر عينه في اسبانيا.. ما هي حقيقة الموضوع؟
اليكس: لسوء الحظ وبحسب عملنا مع الاتحاد الأوروبي حيث نراقب 160 منافسة، فنحن لا نستطيع الإفصاح عن أية معلومات، ولكن من المهم أن نقول أن التلاعب في المباريات هو أمر كبير جدا.
الصحف تتحدث دائما عن "الماتش فيكسينغ" وتنشر الكثير من الأخبار والمعلومات، ولكنني دائما اطالب بالتمهل وإعطاء الأمر للمختصين حتى صدور قرارات قضائية مؤكدة، خصوصا وأن التشهير بسمعة الناس ليس امرا سهلا.
كووورة : هل تستطيع سبورت رادار التغلب على هذه الظاهرة؟
اليكس: هناك الاعيب متغيرة دائما في الغش، ولكن نلاحظ فعلا تغيرا كبيرا في الدوريات التي نراقبها، خصوصا بعد الاعلان من قبل الاتحاد المسؤول عن أن سبورت رادار تراقب المنافسات.
كووورة
: أخيرا .. ما هي النصيحة التي تقدمها للاتحادات العربية؟
اليكس: سبورت رادار مثل جهاز الانذار ضد الحريق، قد لا تحتاجه أبدا ولكن إذا وقع الحريق ستحمد الله أنه لديك هذا الانذار.
ربما تعتقدون أنكم لا تحتاجون لهذا النظام في الدول العربية، لأنه في دولكم ليس هناك شرعبة للمراهنات، ولكننا لا نعرف ماذا سيحصل في الحقيقة.
أنصح الاتحادات العربية أن تنام براحة البال ولديها جهاز انذار ضد الحريق.
المصدر