أبو بنين الگرعاوي
مشاكس و افتخر
تاريخ التسجيل: May-2014
الدولة: ارض الحضارة البابلية
الجنس: ذكر
المشاركات: 22,347 المواضيع: 3,149
صوتيات:
15
سوالف عراقية:
3
مزاجي: بكيفي
المهنة: رائد في الشرطة الاتحادية
أكلتي المفضلة: الدولمة البابلية
آخر نشاط: منذ 5 يوم
الاتصال:
هذه رواية صحيحة تبين علة غيبة الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام
إضغط على مفتاح Ctrl+S لحفظ الصفحة على حاسوبك أو شاهد هذا الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وبه تعالى نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين :
وبعد هذه رواية عن الإمام الصادق عليه السلام بين فيها علة غيبة إمام العصر والزمان عليه السلام :
عن سدير الصيرفي
قال : دخلت أنا والمفضل بن عمر وداود بن كثير الرقي وأبو بصير وأبان بن تغلب
على مولانا الصادق عليه السلام فرأيناه جالسا على التراب ، وعليه مسح
خيبري مطرف بلا جيب مقصر الكمين ، وهو يبكي بكاء الوالهة الثكلى ذات
الكبد الحري ، قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغير في عارضيه وأبلى الدمع
محجريه ، وهو يقول :
[ سيدي ] غيبتك نفت رقادي ، وضيقت علي مهادي ، وابتزت مني
راحة فؤادي ، سيدي غيبتك أوصلت مصائبي بفجائع الأبد وفقد الواحد
بعد الواحد بفناء الجمع والعدد ، فما أحس بدمعة ترقأ من عيني وأنين يفشا من
صدري .
قال سدير فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب
الهائل والحادث الغائل ، فظننا أنه سمت لمكروهة قارعة ، أو حلت به من
الدهر بائقة ، فقلنا : لا أبكى الله عينيك يا بن خير الورى من أية حادثة
تستذرف دمعتك ، وتستمطر عبرتك ؟ وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم ؟ .
قال : فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتد منها
خوفه فقال :
ويكم إني نظرت صبيحة هذا اليوم في كتاب الجفر المشتمل على علم
البلايا والمنايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه
به محمدا والأئمة من بعده عليهم السلام ، وتأملت فيه مولد قائمنا عليه السلام
وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين ( من ) بعده في ذلك الزمان ، وتولد
الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينه ، وخلعهم
ربقة الاسلام من أعناقهم التي قال الله عز وجل : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في
عنقه ) يعني الولاية ، فأخذتني الرقة ، واستولت علي الأحزان .
فقلنا : يا بن رسول الله كرمنا وفضلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه
من علم ذلك ؟
قال : إن الله تعالى ذكره أدار في القائم منا ثلاثة أدارها لثلاثة من الرسل ،
قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام ، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى
عليه السلام ، وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه السلام ، وجعل له من بعد
ذلك عمر العبد الصالح - أعني الخضر عليه السلام - دليلا على عمره .
فقلنا أكشف لنا يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن وجوه هذه
المعاني .
قال : أما مولد موسى عليه السلام فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه
على يده ، أمر بإحضار الكهنة ، فدلوا على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل ، فلم
يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا
وعشرون ألف مولود ، وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى عليه السلام بحفظ الله
تعالى إياه .
كذلك بنو أمية وبنو العباس لما أن وقفوا على أن [ به ] زوال مملكة
الامراء والجبابرة منهم علي يدي القائم منا ، ناصبونا للعداوة ، ووضعوا سيوفهم
في قتل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإبادة نسله طمعا منهم في
الوصول إلى قتل القائم عليه السلام ، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة
إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون .
وأما غيبة عيسى عليه السلام فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل
فكذبهم الله عز وجل بقوله : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) .
كذلك غيبة القائم فإن الأمة ستنكرها لطولها فمن قائل يقول : إنه لم يولد ،
وقائل يفتري بقوله : إنه ولد ومات ، وقائل يكفر بقوله : إن حادي عشرنا كان
عقيما ، وقائل يمرق بقوله : إنه يتعدى إلى ثالث عشر فصاعدا ، وقائل يعصي الله
بدعواه : إن روح القائم عليه السلام ينطق في هيكل غيره .
وأما إبطاء نوح عليه السلام فإنه لما استنزل العقوبة ( من السماء ) بعث الله
إليه جبرئيل عليه السلام معه سبع نويات فقال : يا نبي الله إن الله جل اسمه
يقول لك : إن هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد
تأكيد الدعوة ، وإلزام الحجة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك
عليه ، واغرس هذا النوى ، فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج
والخلاص ، وبشر بذلك من تبعك من المؤمنين .
فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وأغصنت وزها الثمر عليها بعد
زمان طويل استنجز من الله العدة فأمره الله تعالى أن يغرس من نوى تلك
الأشجار ، ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكد الحجة على قومه ، فأخبر بذلك
الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا : لو كان ما يدعيه نوح حقا
لما وقع في عدته خلف .
ثم إن الله تعالى لم يزل يأمره عند إدراكها كل مرة أن يغرس تارة بعد
أخرى إلى أن غرسها سبع مرات ، وما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم
طائفة بعد طائفة إلى أن عادوا إلى نيف وسبعين رجلا ، فأوحى الله عز وجل عند
ذلك إليه وقال : الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن
محضه وصفا الامر للايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة .
فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك
لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا لي التوحيد من قومك
واعتصموا بحبل نبوتك ، بأن أستخلفهم في الأرض ، وأمكن لهم دينهم ، وأبدل
خوفهم بالأمن ، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم .
وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن مني لهم ، مع ما
كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم ، وسوء سرائرهم التي
كانت نتائج النفاق وسنوخ الضلالة ، فلو أنهم تنسموا من الملك الذي أوتي
المؤمنون وقت الاستخلاف إذا هلكت أعداؤهم ( لنشقوا ) روائح
صفاته ، ولاستحكم ( سرائر ) نفاقهم ، وتأبد خبال ضلالة قلوبهم ،
ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على طلب الرئاسة ، والتفرد بالامر
والنهي عليهم ، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الامر في المؤمنين مع إثارة
الفتن وإيقاع الحروب كلا ( فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا )
قال الصادق عليه السلام : وكذلك القائم عليه السلام فإنه تمتد غيبته ليصرح
الحق عن محضه ، ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من
الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والامن المنتشر
في عهد القائم عليه السلام .
قال المفضل : فقلت : يا بن رسول الله فإن النواصب تزعم ( أن ) هذه
الآية أنزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي فقال : لا هدى الله قلوب الناصبة متى
كان الدين الذي ارتضاه [ الله ورسوله ] متمكنا بانتشار الامن في الأمة ،
وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء
أو في عهد علي عليه السلام ، مع ارتداد المسلمين والفتن التي كانت تثور في
أيامهم ، والحروب والفتن التي كانت تشب بين الكفار وبينهم ، ثم تلا الصادق
عليه السلام هذه الآية مثلا لابطاء القائم عليه السلام ( حتى إذا استيئس الرسل
وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ) الآية .
وأما العبد الصالح - أعني الخضر عليه السلام - فإن الله تعالى ما طول
عمره لنبوة قررها له ولا لكتاب نزل عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من
كان قبله من الأنبياء عليهم السلام ، ولا لامامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا
لطاعة يفرضها ، بلى إن الله تعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم
عليه السلام في أيام غيبته ما يقدره ، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك
العمر في الطول ، طول عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلا لعلة
الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام ، ليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا
يكون للناس على الله حجة .
ثم قال الشيخ الطوسي :
والاخبار في هذا المعنى أكثر من أن تحصى ذكرنا طرفا منها لئلا يطول به
الكتاب .
المصدر
الغيبة للطوسي ص 173 .