فستان العروس
(بيروت-Mbc.net) عندما نقول زفاف، لا شكّ أنّ "الفستان الأبيض" أوّل ما يخطر في بالنا.
ضيّق؟ واسع؟ طويل؟ قصير؟ بأي قماشة؟ قصّة الصدر على شكل "قلب"؟ أم بالأكمام الطويلة؟
إنّها الأسئلة التي تتسلل إلى ذهن كلّ فتاة تتحضّر ليومها الكبير. فاختيار الفستان الأبيض يصبح الحدث، لذا من الضروري اختياره بدقّة ليكون الأكثر تميزاً.. وكأنّك العروس الوحيدة في العالم!
إلى ذلك، لا بدّ من القيام بجولة حول تاريخ هذا الفستان الذي لا يتكرر، إذ إنّه الحلم الذي يراود الفتيات منذ صغرهنّ
في الفترة التي تلت القرون الوسطى، أضحى الزفاف أبعد من لقاء حبيبين ينويان تأسيس عائلة، بل لقاء عائلتين، ارتباط مهنتين، أو حتى بلدين، مما وسّع نطاق العرس من حيث عدد المدعوين. وهذا ما طوّر أيضاً فكرة الزفاف وتحضيراته، كما سمح تداخل الحضارات أن ينتج"الفستان"، بعد أن خضع هذا الأخير إلى تغيرات وتحوّلات عدّة.
فأصبحت العروس ترتدي بدلة زفاف تعبّر عن عائلتها لأنها لم تعد تمثل نفسها فقط في الزفاف. وكانت تلك التي تنحدر من عائلة غنية تميل لاختيار ألوان جريئة وملابس مصنوعة خصيصاً للمناسبة.
اختيار "الفستان الأبيض" كان جرأة.. آنذاك
بعد أن طال فستان العروس تعديلات من حيث الألوان، ارتكز هذا الزي المميز على اللون الأبيض، عاكساً بدلالاته الحالة النفسية للعروس، إذ بات يرمز إلى الطهارة والبراءة والنقاء. وأثبتت السنوات ارتباط اللون الأبيض بفستان الزفاف بالإطلالة الملائكية وهي الإطلالة التي ترغب بها الكثيرات حول العالم.
أمّا التطور التاريخي للفستان الأبيض فقد بدأ مع الملكات والأميرات.
- الملكة الاسكتلندية ماري:
عام 1559، ارتدت ماري ملكة اسكتلندا في مناسبة زواجها الأول من فارنسس دوفن ملك فرنسا فستاناً أبيض اللون. كان لونها المفضّل، وعلى هذا الاساس اختارته. رغم أنّه في ذلك الوقت كان يعتمد هذا اللون كلون أساسي في المآتم عند الفرنسيين.
- الأميرة الإنكليزية فيليبا:
فيليبا الإنكليزية كانت أول أميرة في التاريخ ترتدي الفستان الأبيض في زفاف ملكي، كما ارتدت قلنسوة بيضاء أيضاً من الحرير.
الملكة فيكتوريا رسّخت اللون الابيض لوناً اجتماعياً لكل عروس
- الملكة فيكتوريا:
ابتداء من العام 1840 أصبح اللون الأبيض خياراً اجتماعياً، وتحديداً بعد زواج الملكة فكتوريا من البيرت. وقد إختيارت الفستان باللون الابيض، رغبةً منها في إظهار التطريزات المميزة في الفستان. وبعد نشر صورة للملكة وهي ترتدي الفستان الأبيض بدأت الكثيرات بإختيار اللون الأبيض مقتديات بذوق الملكة فكتوريا.
العادات تدخّلت أيضاً في "الفستان"
اعتبرت العادات التي رافقت تطوّر فستان العروس، من العوامل التي زادت من أهميّتها وأعلت شأنه حتى يومنا هذا. وبدأت الحكايات والمعتقدات تُنسج مع كل طبقة من طبقات الفستان الأبيض. إذ يمنع على العريس رؤية فستان زفاف عروسه لأنّ هذا يجلب الحظ السيّء لهما. بالإضافة الى أهمية توارث الفستان من الجدّة الى الأم الى العروس؛ مع العلم أنّه يمكن للعروس إضافة بعض التعديلات ليُصبح فستاناً يناسبها ويجاري الموضة أكثر.
ومن أغرب التقاليد، إحتفاظ العروس بالطرحة لنسجها على شكل "ناموسية" تغطّي بها سرير مولودها الأوّل.
عروس اليوم.. الأبيض لازال خيارها الأول
تنهمك دور الأزياء في عصرنا اليوم لابتكار التصاميم المميزة في كلّ المواسم. كما يولونا الأهمية الكبيرة لـ"الفستان الأبيض" من حيث التصميم، الأقمشة، القصات؛ حتى أصبح الختام المسك لكل عرض عالمي.
التصاميم العصرية للفستان الابيض تطال القصّات... فقط
تبحث عروس اليوم على التميّز ضمن إطار اللون الأبيض، رغم أنّ إدخال الألوان بالتدرجات الكريمية لازال شائعاً، بالإضافة إلى بعض الألوان الناعمة، كالورود الزهرية على الطرحة، أو الحزام البنفسجي الباستيل على الخصر. مع العلم أنّه لازال اللون الأحمر هو اللون السائد في بدلات الزفاف في الصين والهند وفيتنام لانه لون الحظ الجيد والتفاؤل.
إذاً ورغم اللون الابيض الذي لا مثيل له في يوم العرس في أغلبية البلدان والثقافات، تهتم العروس للقصّة والأقمشة التي تعمل على إبراز ثقل الفستان وأناقته. من هنا، يمكن الحديث عن الأثمان الباهظة التي تُنفق على فستان ترتديه الفتاة لساعات قليلة.. وتُعيده إلى المتجر بعد استعارته، إذ قليلات هنّ اللواتي يشترين "الفستان الابيض" في أيامنا هذا.
لم يثبت أي لون نفسه كما فعل الفستان الأبيض، رغم المحاولات في تصميم القصات والتنويع في الألوان، وذلك لدلالاته التي طبعت مبدأ العرس والعروس، تلك التي تشبه الحلم، وتعزز مبدأ الحب والنقاء.