مرقد الحمزة الغربي.. مشهدٌ يلوح بالإباء ويقارع الزمان بالبقاء
الى المدحتية أحدِى النواحي الجنوبية من أرضُ بابل التي تبعد زهاء مئة كيلومترا جنوب العاصمة بغداد، حيث مثوى فرقد من آل محمدٍ (صلوات الله وسلامه عليهم) حفَ الله مرقده المشرفِ بكرامات عديدة، تقصده جموع المحبين والموالين لمذهب آل البيت (عليهم السلام) سعيا لطلب النجاة والشفاعةِ من الله بجاهه عنده..والمدحتية قصبة تابعةٌ لقضاء الهاشمية، تقع ضمن منطقة الفرات الأوسط الى الجنوب الشرقي لمدينة الحلة وهي من الأماكن المقدسة حيث تضم بين جنباتها مرقد العالم الجليل أبي يُعلى بن القاسم بن علي بن الحمزة بن الحسن بن عبيد الله بن ابي الفضل العباس بن أمير المؤمنين (سلام الله عليهم) والمعروف بالحمزة الغربي (رضوان الله عليه).وعن مزاره الشريف تحدث (حازم الشمري) الباحث في التراث الحلي لموقع نون : بأنه "مزارٌ يتوسط مدينة المدحتية، ببناء شامخ وبمرقدٍ مشرفٍ تحيط بسورِهِ الأسواقُ والمحلاتُ التجارية، ثم من بعدها البيوتات القريبة التي غالبا ما يقطنها خدَمة السيد الجليل حمزة الغربي (الگوام): وهم المسؤولون عن خدمة زوار المرقد الشريف، والاهتمام بأمور المزار"، مبينا إن "الطريق السياحي بقراه الممتدة على طول مسافته من منطقة الجميعات حتى منطقة الياسية غرب المدحتية تمتد القرى التي تتميز بطابعها العشائري ومنظر المساحات الخضراء الجميل الذي يقصده آباء المدينة أيام استراحتهم والعطل"، ذاكرا "إن المدحتية ما زال أهلها الطيبون الأهل والأحبة للقريب والبعيد ومن يقصد السيد أبي يعلى الحمزة (رضوان الله عليه)".وحول تاريخ عمارة المزار الشريف أكد الشمري من خلال استشهاده ببيتٍ شعري من نظمِ فضيلة الشيخ جاسم الحلّي:لا تَلُمْني على وقوفي ببـابٍ تتَمنّـى الأمـلاكُ لَثْمَ ثَراهـاهي بابٌ لحمزةِ الفضلِ أرِّخْ: جابرُ الكرخِ بالقلـوبِ بَناهـاوذكر فيه فضيلته بالأرقام الشعرية تاريخ إنشاء وبناءُ المرقد والقبّة الموجودة اليوم منذ عام 1339هـ بسعي رئيس قبيلة ألبو سلطان وبعض التجّار ووجهاء المنطقة. وبين الشمري أهم العمارات التي توالت على مزاره الشريف: " ما جرت عام 1955 واصفها بأنها عمارة مهمة، حيث قام المتولون حينها من عشيرتي آل شَمَر وآل سلطان، بضم عشرات الدونمات من العمارة الأولى أثر كرامة حلت في المزار، ثم عمارة عام 1962 التي جرى فيها تشيد باب القبلة وفي عام 1972 جاءت بادرة التوسعة في المزار، بعدها مشروع إنشاء المنارة الشامخة بارتفاع (28) مترا والتي أوعز ببنائها الرئيس العراقي المخلوع حسن البكر أثر زيارته المزار عام 1978 بكلفة 32 ألف دينار..فيما قال(منعم الشمري) أمين خاص المزار لموقع نون: "أن قبره المُجلَّل، يُحيط به صحنٌ يزدحم بالزائرين ويقصده المرضى والمحبون ليالي الجمعات بكثرة، حتّى يكون حول مرقده في بعض الجمعات خَلْق عديد، مشيرا الى السابق ومحاربة البعث الذي كان يخشى تفشي تعاليم وثقافة النهج المحمدي الأصيل المتمثلُ بالعترة العلوية المحمدية، في حين كانت المزارات بؤرة إشعاع تلك الثقافات ولا زالت، ولعل ما أحدثه من رزايا أنه صيرَ المزارات فقط للتعبد والزيارة بالرغم من مضايقاته المتواترة لزوار المزارات، فعبدوا طريقا كان شاقا ووعرا لمن يفد لزيارة السيد الحمزة (رضوان الله عليه).وبين الأمين الخاص إن المزار يقع على مساحة تقدر بعشرة آلاف مترا مربع، بثلاثة صحون تختلف بمساحاتها وتتباين بالعمارة وفن التشكيل الهندسي الذي يتنوع بين صحنٍ وآخر، مشيرا الى الضريح الشريف بأنه يقع الى جهة الغرب من المزار ببابين ذهبيين قد طُعِّمَا بالمينا، ومنهما تمرُّ لحضرته وضريحه الذهبي الشريف الذي وضع عليه هو الأخر حجر أبيض كتب تحته الزبدة (ولها حكاية مأثورة يعرفها أهالي المدحتية)، والضريح هذا حُفر على ناصيته (يا حفيد العباس)..بينما يتخلل الى دهاليز الروح وميض النور، وبين زحام الأنام صوب المزار المبارك، وبسط الأيادي لبارئها بالدعاء والرجاء، تتمتم الشفاه تحت قبة المزار، بطلب العفو والمغفرة بلسانٍ يلهج ذاكر ربه، متخشع متذلل بين رحمة بارئه، وهنا أمام أحد بيوت الله الشاخصة لطلب الغفران، والشاهدة على خضم الكرامات الوافرة العطاء، تتهجد القلوب وتنذرف العبرات، وتلامسُ الأنفاس الحرى صدى الطاعة والروحان، نافثةً خطاياها سعيا لقبول التوبة والمغفرة.فتتقدد الألفاظ الندية على شفتي الشعراء والأدباء، وتسري البرودة في نخاع ظهرية ترتخي مفاصل الكَلم الطيب لها، وتَلفحُ ريح الخيبة دنس الشياطين التي لم تعد تستطع مسَ مشهدَ مزاره المشرف بسوء .