تُعاني بعض الأسر -خاصة إذا طال عهد الزواج- من عدم اكتراث الأزواج بالزينة؛ سواء النساء أو الرجال، ويعتبرون أن هذه الزينة كانت مهمَّة في الفترة الأولى من الزواج، أو أنها في فترة الشباب فقط، أو أنها في أوقات معينة أثناء الأسبوع أو الشهر، وهذه في الواقع مشكلة قد تُؤَدِّي إلى أزمات كبيرة في الأسرة، ولم تكن من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كانت السُّنَّة أن يتزيَّن كل طرفٍ للآخر؛ فتتزيَّن الزوجة لزوجها، ويتزيَّن الزوج لزوجته؛ فقد روى النسائي -وقال الألباني: حسن صحيح- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ».
وذكرت أُمُّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها أن النساء كنَّ يمتنعن عن الزينة فترة الحداد على الميت؛ مما يدلُّ على أنهن كنَّ يتزيَّن في كل الأيام الأخرى؛ فقد روى البخاري عَنْها قَالَتْ: «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلاَ نَكْتَحِلَ وَلاَ نَتَطَيَّبَ وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ..».
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يتزين هو الآخر لزوجته؛ فقد روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ ل أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ».
وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ».
وروى البخاري عَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: «كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا حَائِضٌ».
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يحبُّ التزيُّن لزوجته؛ فقد روى البيهقي عَنْه أنَّه قَالَ: "إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَزَّيَّنَ لِي؛ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]". فلْنُصلِح بيوتنا بهذه السُّنَّة الراقية.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
المصدر : كتاب " إحياء354 " للدكتور راغب السرجاني