22 سنة على الرحيل
هالة فؤاد.. نجمة سماوية أسقطها السرطان
هالة.. ابنة المخرج وزوجة النجم
الحياة مفارقة بالغة الحدّة والتناقض، وعلامة استفهام كبرى لا تجد إجابة نهائية شافية، وبينما يحتفظ كثيرون من الناس بتصورات تقليدية شبه يقينية فيما يخص غيرهم، تظل دراما الحياة وتفاصيلها الخفية محتفظة بالجملة النهائية ذات الطابع الساخر، وبعيدًا عن المفردات التى قد لا تمنح معنى واضحًا ولا تفى رسالة كاملة، فبينما قد يتصور كثيرون من الناس أن عالم الفن والفنانين مجتمع مخملى مرفّه، لا يدوس الشوك ولا تعبر عليه المحن والكبوات، تحتاج فقط إلى نظرة عميقة لتفاصيل الصورة وحواشيها لتكتشف أن الأمر ليس بهذه السهولة، تحتاج للنظر فى وجه هالة فؤاد لتعرف أن الجميلات المبدعات ربيبات الأسر الفنية والإبداعية الثرية، يمكن أن يكنّ تجارب مرض ومعاناة وعبور سريع كالبرق فى سماء هذا العالم.
ولدت الفنانة الراحلة هالة فؤاد فى السادس والعشرين من مارس عام 1958، وهى ابنة المخرج السينمائى الراحل أحمد فؤاد، مخرج بيت القاصرات ورجب فوق صفيح ساخن والحب فى طابا واللعب مع الشياطين، وغيرها من الأفلام السينمائية فى ثمانينات وتسعينيات القرن الماضى، إلى جانب العمل كمساعد مخرج مع صلاح أبو سيف وكمال الشيخ وعدد كبير من أشهر مخرجى السينما، وقد تخرجت هالة فؤاد فى كلية التجارة جامعة القاهرة عام 1979، قبل أن تلتحق بعالم الفن الذى عبرت عليه عبورًا سريعًا وتركت عددًا غير كبير من المشاركات، ربما لا تكون بينها أدوار أو أعمال مهمة وتمثل علامات فنية، ولكن وجهها الملائكى وملامحها الرقيقة المليئة بالسكينة لم يغادرا وعى ولا روح كل من شاهدها ولو فى مشهد صغير وعابر.تزوجت الفنان الراحلة هالة فؤاد من النجم الأسمر أحمد زكى، وأنجبت منه ابنه الوحيد، وابنها الأول، هيثم أحمد زكى، ورغم أنها كانت حب العمر بالنسبة لأحمد زكى، وأيقونته العاطفية والأنثوية والاجتماعية الرقيقة، لم يستطيعا العبور بمركب حياتهما المشتركة من بحار وأمواج الغيرة التى كانت تشعل قلب وروح أحمد زكى على محبوبته الجميلة ورائعة الحسن، فانفصلا وتزوجت هالة للمرة الثانية من عز الدين بركات وأنجبت ابنها الثانى رامى، بينما ظل أحمد زكى وحيدًا بعد انفصالهما، يعيش على ذكرياته معها، متنقلاً بين الفنادق حتى وفاته دون أن يكون له منزل ثابت.رحلة هالة فؤاد بين الفن والمرض
لم تستمر رحلة هالة فؤاد الحياتية، والفنية بالتبعية، لوقت طويل، إذ ما كاد يلمع نجمها إلا وعاجله القدر بضربة قوية مباغتة انطفأ على إثرها هذا البريق الملفت، إذ إنها توفيت فى مثل هذا اليوم من العام 1993، عن عمر يفوق الخامسة والثلاثين بأسابيع قليلة.فى الأعوام الثلاثة الأخيرة من عمرها اعتزلت هالة فؤاد الفن والتمثيل إثر مرورها بمنعطف كبير فى حياتها الشخصية، إذ تعرضت لعملية نزيف وأصيبت بعدة جلطات فى الساقين خلال ولادة ابنها الثانى “رامى” فى العام 1990، وعقب تعافيها من هذه الوعكة القوية قررت الاعتزال وارتداء الحجاب، وما هى إلا شهور حتى اكتشفت إصابتها بمرض سرطان الثدى، فبدأت رحلة علاجها بين القاهرة وفرنسا، وتغلبت على المرض واستقرت حالتها لشهور، إلى أن عاودها بدرجة أكبر وبهجوم أكثر ضراوة، لتخوض رحلة طويلة من المعاناة معه حتى أسلمت روحها قبل 22 سنة من الآن.
بدأت رحلة هالة فؤاد الفنية مبكّرًا جدًّا، قياسًا إلى أنها ابنة المخرج أحمد فؤاد، إذ ظهرت فى فيلم “العاشقة” عام 1960، وهى طفلة عمرها عامان فقط، وفى فيلم “أجازة بالعافية” وهى فى السابعة من عمرها، واكتمل عقد هالة فؤاد ومشوارها الفنى بكامله فى 24 عملاً فنيًّا، منها: مسلسل رجال فى المصيدة، مسلسل الإنسان والمجهول، مسرحية أولاد الشوارع، فيلم رجال فى المصيدة، وفيلم البنت اللي قالت لأ، وفيلم عاصفة من الدموع، ومسلسل الرجل الذى فقد ذاكرته مرتين، وفيلم مين يجنن مين؟، وفيلم سجن بلا قضبان، ومسلسل الحياة مرة أخرى، وفيلم الأوباش، وفيلم الحدث يفهم، وفيلم المليونيرة الحافية، وغيرها من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات التى يقترب عددها من عدد سنوات عمرها القليلة، ورغم هذا ما زالت حاضرة بـ 24 عملاً و35 سنة فى وعى وذاكرة قطاعات واسعة من الجمهور ومحبى الفن والجمال.
منقول