اتفقت كلمة المؤرخين على أن هارون العباسي قام باعتقال الامام الكاظم (عليه السلام) وإيداعه السجن لسنين طويلة مع تأكيده على سجانيه بالتشديد والتضييق عليه.
وقال أبو الفرج الإصفهاني في (مقاتله: 502): لما أعتقل الرشيد الامام الكاظم (عليه السلام) أمر بإرساله إلى البصرة ليسجن عند عيسى بن جعفر المنصور، وكان على البصرة حينئذٍ، فحبس عنده سنة، ثم كتب إلى الرشيد: أن خذه مني وسلمه إلى من شئت، وإلا خليت سبيله، فقد اجتهدت أن آخذ عليه حجة فما أقدر على ذلك، حتى أني لأتسمع عليه إذا دعا لعله يدعو علي أو عليك، فما أسمعه يدعو إلا لنفسه، يسأل الله الرحمة والمغفرة.


وقد ذكر ابن كثير قصة سجنه من قبل هارون العباسي: حتى كانت خلافة الرشيد فحج، فلما دخل ليسلم على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه موسى بن جعفر الكاظم، فقال الخليفة السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم. فقال موسى: السلام عليك يا أبت. فقال الرشيد: هذا هو الفخر يا أبا الحسين. ثم لم يزل ذلك في نفسه حتى استدعاه في سنة تسع وستين وسجنه فاطال سجنه، فكتب إليه موسى رسالة يقول فيها: أما بعد يا أمير المؤمنين أنه لم ينقض عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك يوم من الرضاء، حتى يغضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون. (البداية والنهاية: 7: 174ـ 175).


وقد ذكر سجنه (عليه السلام) موسى بن إبراهيم المروزي من أعلام القرن الثالث الهجري في كتابه (مسند الإمام موسى بن جعفر) (مجلة تراثنا: 44: 206). وهو مجموعة من الروايات المسندة المرفوعة إلى النبي(صلى الله عليه وآله)، التي أسندها الامام الكاظم (عليه السلام) بطريق آبائه (عليه السلام) رواها عنه موسى بن إبراهيم أبو عمران المروزي البغدادي قال: أنه سمعها من الإمام (عليه السلام) عندما كان الإمام في سجن هارون العباسي (انظر كشف الظنون عمود 1682، الفهرست للطوسي: 191).


وكذلك ذكر ابن حجر الهيثمي قصة سجنه (عليه السلام) قائلاً... ولما حج الرشيد سعى به إليه، وقيل له: ان الأموال تحمل إليه من كل جانب حتى اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار، فقبض عليه وأنفذه لأميره بالبصرة عيسى بن جعفر بن منصور محبسه سنة، ثم كتب له الرشيد في دمه فاستعفى وأخبر انه لم يدع على الرشيد، وأنه إن لم يرسل بتسليمه وإلا خلى سبيله، فبلغ الرشيد كتابه، فكتب للسدي بن شاهك بتسليمه وأمره فيه بأمر، فجعل له سما في طعامه، وقيل في رطب فتوعك ومات بعد ثلاثة أيام.. (الصواعق المحرقة: 308).
وذكر المسعودي أن الرشيد رأى علياً في النوم معه حربة وهو يقول: إن لم تحل عن الكاظم وإلا نحرتك بهذه فاستيقظ فزعا وأرسل في الحال والى شرطته إليه بإطلاقه (المصدر السابق).
وذكر الحافظ الذهبي: قال الخطيب: أقدمه المهدي بغداد، وردَّه، ثم قدمها، وأقام ببغداد في أيام الرشيد, قدم في صحبته الرشيد، سنة تسع وسبعين ومائة، وحبسه بها إلى أن توفي في محبسه.(سير أعلام النبلاء :463:5 ).