يمتلك الإنسان على قدرة شعورية تمكنه من التفاعل مع الحياة وعيشها بطريقة مباشرة، هذه القدرة تنعكس على أدائه الحياتي عبر تأثيرها على الوضع النفسي الذي من شأنه أن يؤثر على الوضع العقلي أو الجسدي . ولكن لا يستطيع الإنسان تخيل حياته دون شعوره ، فهو حتى لو كان شعورا سيئاً ، فهو يشعره بالحياة ، ويجعله يتفاعل عبر الفروقات والانتقال من حالة شعورية إلى أخرى ، ويجعله كائنا اجتماعيا لحياته المعنوية قيمة تماثل قيمة حياته المادية إن لم تتفوق عليها في الكثير من الحالات ، بل أن الفلاسفة والعلماء والأنبياء قد نادوا منذ القدم بتقديم الحياة المعنوية على الحياة المادية بوصفها الشي الأكثر تخصصا بالإنسان وما يجعله إنسانا في الأصل .
ولكن في بعض الحالات تنقلب هذه الميزة الخاصة بالإنسان وإنسانيته إلى نقمة تؤذيه وتؤثر على نفسيته بشكل عام ، تدعى الحالات التي يتركز بها شعور الإنسان على شعور ما دون غيره ، مشاكل نفسية يجب حلها ومن الضروري حلها لأنها ولو كانت تقع في مستوى معنوي فهي تخص حياته ككل ، ويجب أن يعمل على إيجاد اسبابها واعراضها وعلاجها كما يبحث عن أسباب وأعراض وعلاج أي مرض جسدي ، فهي لا تقل أهمية عن الأمراض الجسدية ، فهي إن لم تتم معالجتها ستمنع الإنسان من التفاعل مع حياته كما لو أنه يعاني من مرض جسدي يمنعمه من ذلك .
أشهر هذه المشاكل عل سبيل المثال ، مشكلة الإكتئاب وهي بالأساس نتيجة تجليات عالية لشعوريّ الحزن والإحباط ، يتعرض عادة لهذه المشكلة الناس الذين تعرضوا لظروف معيشية صعبة جدا ولم يستطيعوا تجاوزها ،كالفشل أو فقدان شخص قريب ، أو التعرض للإغتصاب أو مشاهدة أمر ما مهول وبشع . تجعلهم هذه المشاعر كونها تسيطر عليهم لفترات طويلة دون الشعور بغيرها يفقدون الأمل بالحياة ويصبحون غير مكترثين بما سيحصل لهم أو من حولهم وبالتالي سيفقدون القدرة على التفاعل ومن الممكن أن يصل الأمر بهم لمحاولات انتحار كي يتخلصون ما لا جدوى الحياة كما يرونها . وهذه مشكلة يجب علاجها بشكل ضروري لأنها ستؤدي حتما للضياع التام أو قتل الذات . ومن المشاكل الأخرى الشائعة التي تكون أسبابها تركز شعور دون غيره عند إنسان معين ،ما يعرف بمشاكل الرهاب ، والرهب مشكلة تحدث نتيجة تعرض لموقف ما مع شخص أو بيئة أو غيره تتسبب في تكوين شعور خوف دائم من هذا الموقف . مثل أن يتعرض الإنسان للغرق فيصبح عنده رهاب اتجاه المياه، أو أن يتعرض لموقف مفاجئ يخاف فيه من قطة فيلازمه الخوف من القطط ، وربما تكون هذه المشكلة نتيجة شيء تخيلي دون التعرض لموقف تنتج عن تخيل الإنسان لأمر ما يكون بطبيعته غير منطقي وهو يعلم أنه غير منطقي ولكنه لا يملك اتجاهه شيئا، ويجعله هذا التخيل يشعر بالهلع إذا اقترب منه ما يخشاه . يجب أن تعالج هذه المشلة بالتعاون مع طبيب نفسي أو اخصائي نفسي ، ولا يجب العامل معها ر من قبل شخص غير متخصص كونها يمكن أن تتفاقم وتؤدي لانهيار عصبي .
تحياتي