كيف تغير اللغة التي نتكلم بها نظرتنا إلى العالم ؟
الأشخاص ثنائيو اللغة يحصلون على كثير من الامتيازات، فرص عمل أفضل، قدرة معرفية كبيرة، وحتى حماية ضد خرف الشيخوخة، والآن تبين بحوث جديدة أن متحدثي كل لغة ينظرون للعالم بطريقة مختلفة.
كانت السنوات الـ 15 الماضية قد شهدت كمّا هائلا من البحوث على العقول ثنائية اللغة، وأشارت غالبية الأدلة إلى المزايا الملموسة لاستخدام أكثر من لغة واحدة، فتنقل العقل بين اللغات يبدو مثل نوع من أنواع التدريب العقلي، مما يدفع المخ ليكون أكثر حضورا واستيعابا.
تماما مثلما تعطي ممارسة التمارين الرياضية بانتظام الجسم بعض الفوائد البيولوجية، فالسيطرة عقليا على اثنين أو أكثر من اللغات يعطي الدماغ فوائد معرفية وإدراكية عظيمة، وهذه المرونة العقلية تظهر آثارها على حياة الشخص بوضوح، وخصوصا في مراحل الحياة اللاحقة ومرحلة الشيخوخة، فيؤدي ذلك الأمر إلى تأخر بداية الاضطرابات المرتبطة بالتقدم في العمر.
أيضا أثبتت البحوث أن اللغات فيما بينها تختلف من ناحية تأثيرها على نظرة متحدثيها إلى الأحداث الحياتية بشكل عام، فعلى سبيل المثال يميل الألمان عند الحديث عن مشهد ما إلى إعطاء صورة مفصلة تشمل السبب والهدف، بينما يميل الإنجليز إلى التركيز على الفعل الرئيسي في المشهد من دون ذكر الهدف.
ويعزو الباحثون ذلك إلى اختلاف مجموعات الأدوات النحوية في كل لغة، فبعض اللغات تتطلب وضع علامات نحوية للدلالة على تعبير ما، مثل اللاحقة (ing -) في أفعال اللغة الانجليزية التي تدل على الاستمرار، بينما لا تتطلب لغات أخرى ذلك، مثل الألمانية، مما يجعل متحدثي لغة ما يميلون الى التركيز على الحدث الرئيسي دون ذكر الهدف، وآخرون يرونه بشكل مختلف.
والغريب في الأمر أنه عند الطلب من الألمان الذين يجيدون الإنجليزية أن يصفوا مشهدا ما باللغة الانجليزية، والطلب من الإنجليز الذين يتحدثون الألمانية أن يصفوا نفس المشهد باللغة الألمانية، وجد الباحثون أن نظرة المشتركين في البحوث للمشهد وما يستخلصونه من أحداث تختلف باختلاف استخدامهم للغة.
وخلُصت البحوث في النهاية إلى أن الناس يشعرون وكأنهم أشخاص مختلفون عند استخدامهم لغات مختلفة، وكل لغة تصبغ أصحابها بصيغة معينة من المشاعر والقدرات العقلية والإدراكية، تجعلهم مختلفين في تحليل الأمور والنظرة إلى الحياة بشكل عام.
المصدر:اندبندنت