أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقراءة القرآن كثيرًا؛ ففيه خير الدنيا والآخرة، فقد قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]، وروى مسلم عن أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ..». ولمـَّا كان الشيطان حريصًا على الكيد للإنسان فإنه يصرفه عن قراءة القرآن لما يعلم ما فيه من نفع له؛ لذلك قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]، والحقُّ أن فرصة الشيطان في التغلُّب على الإنسان تزيد عندما يكون الإنسان وحيدًا؛ وقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «.. فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ..». ومن هنا جاءت هذه السُّنَّة العظيمة؛ وهي سُنَّة الاجتماع مع المسلمين على قراءة القرآن، ويا حبذا لو كان ذلك في المسجد، فإن هذا يحفظ المسلمين من الشيطان بشكل أكبر؛ فقد روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «.. وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ..».

فلنحرص على تطبيق هذه السُّنَّة، ولو مرَّة أسبوعيًّا، ويمكن تخيُّر بعض الأوقات التي تُعين على أداء عبادات إضافية جميلة؛ مثل الوقت بين صلاة الصبح والشروق، فنأخذ أجرَ عمرةٍ، أو الوقت بين المغرب والعشاء، فنضمن شهود صلاتي جماعة، أو غير ذلك مما يتيسَّر لنا.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

المصدر : كتاب " إحياء354 " للدكتور راغب السرجاني