العِراقُ جَوازُ سَفَري
مِنذُ عَقْدٍ
والموتُ يُرحِّلُ بيوتَ الربِّ
الطينُ لَم يَعُدْ
صديقَ الحمائمِ
في زمنِ البرقِ
ورفيقَ النوارسِ
في فصلِ الصّيف
الشموعُ لَمْ تَعُد
تَذْرِفُ غيرَ الدّمعِ
نخلتي الوحيدةُ في البيتِ
لَمْ تَعُدْ تَشْرَبُ الماء
وتستحِمُّ بوميضِ بَرقي
مُذْ رأتْ أُمي النُّجومَ تبكي
على بلابلِ روحي
وَهِيَ تَرْثي السماء
التي تُمْطِرُ بلادي بالشُّهداء
آهٍ يا عِراقي..
متى تَشبعُ الغِربانُ
مِنْ أكلِ لحمي؟
الذِّئابُ جاءتْ مِن كُلِّ حَدْبٍ وصَوْبٍ
كي تَشرَبَ مِنْ دَمي
وتَخترِقَ شُموعَ ضوئي
ماذا أفعلُ في ذلكَ الوقتِ
لو حَضَرَتِ الملائِكَةُ
وآنفتحَ أثيرُ السّماء
وَغَرِقَتِ الشّمسُ في دَمِها
حَتْماً ستَهْرُبُ منّي
وتَبقى وحيدةً روحي
تَتّكيءُ على جسديَ الأزرق
ربّي.. لا زلتُ أنتظرُ
آنبثاقَ الفَجرِ
على حِبالِ الغَمَامِ
وعودةَ الطيرِ إلى العُشِّ
لَمْ أَعُدْ أحتملُ الجلاّد
الجالسَ فَوقَ رَفِّ الرّماد
وَهُوَ يرتدي الجحيم
يَشْرَبُ دُموعَ آهاتي
وَيَغْزِلُ مَوتي
يَستحِمُّ بالنِّفطِ
ويَبيعُ الوطنَ في المَزاد...!
الليلةَ يا جَلاّدي...
أَصْفَعُكَ بِظلّي وضوئي
سأُخالِفُ وصايا الصمتِ
لماذا تُحَدِّقُ بي
مِثْلَ إلهٍ غريبْ
مِثْلَ أَمَلٍ مَهزومْ
لَنْ تَستطيعَ أَنْ تَستجديَ
دمعةً واحدةً مِنْ دَمعي
حتى لو بقيتُ جُثّةً دونَ رأسِ
أَنا لا أهابُ فلسفاتِ القَتْلِ
أَنا مِنْ آشورَ وآرامَ
وسومرَ وبابِلَ قومي
لَنْ أُوَجّهَ العِتابَ إلى ربّي
أَنا ملكوتُ الأرضِ
وصحوةُ التُّرابِ الزّكي
عَشِقْتُ الجنائِنَ المُعَلّقةَ
تاريخي لَمْ يَتْعَبْ مِنْ نَحتِ الألَمِ
العالَمُ كُلُّهُ يَئِنُّ تَحتي
لَمْ أَرْتَدِ يوماً قميصَ الرِّياءِ
على بواباتِ عِشْتارَ
حَفرتُ آسمي
السّماواتُ تسمعُ رَعدي
قلائدُ النّهرينِ عَيني
العِراقُ جَوازُ سَفَري
وتاجيَ الأبدي
يا جلاّدي...
إشْتَقْتُ إلى قَداديسِ طُفولتي
سَبعةُ آلافِ سنةٍ عُمري
سَأسيرُ إلى الجُلْجُلَةِ وَحدي
أطوي مَسلّتي العريقة
وأُقَلِّبُ أوراقَ تَقويمي
كي أُرَتِّقَ جُرْحاً في السّماء
أنا رسولُ الشّمسِ
وبَشيرُ القمرِ
سَأجتازُ النهارَ وأعبرُ اللّيلَ
أَسيرُ على الماء
مِثْلَ المسيحِ
أَشْرَبُ مرارةَ كأسي
أَحْمِلُ نَعشي وأقرأُ صَمتي
دونَ أقمارٍ وأنوارِ
كي أُدْفَنَ بينَ الزيتونِ والنّخلِ.
***
وعدالله ايليا