"أنواع النونات في اللغة العربية"
بسم اللهِ الرحمنِ الرحيم :
لحرف النون في اللغة العربية عدة وظائف ، فبالإضافةِ الى كونه أحد حروف المباني (أي الحروف الموجودة في أبجدية اللغة العربية) والذي يدخل في كتابة عدد كبير من المفردات في شتى أقسام الكلام الثلاثة الأفعال مثل (انتصر) والأسماء مثل (نهر) والأحرف مثل (عن) ، فله وظيفة أخرى باعتباره أحد حروف المعاني (أي الأحرف التي تؤدي وظائف لغوية) حيث يؤدي عِدّة أغراض منها :
أ- نون المضارعة : وتأتي في بداية الفعل الماضي لتحويله الى مضارع اذا كان الفاعل جمعاً من المتكلمين ، وفي هذه الحالة سوف يعرب الفاعل ضمير مستتر تقديره (نحنُ) مثل كقوله تعالى (إيّاكَ نعبُدُ وإيّاكَ نستعين) فنعبد فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره والفاعل ضمير مستتر تقديره (نحنُ) ، وتكون نون المضارعة مضمومة اذا كان الفعل الذي جاءت في بدايته رباعياً (أي متكوّناً من أربعة أحرف مثل أنجز ودحرج) كقولنا (نُزلزلُ الأرض تحت أقدام العدو اذا حاربناه) وتكون مفتوحة اذا تقدمت فعل غير رباعي (أي يتكون من ثلاثة أحرف مثل ضرب أو خمسة أحرف مثل انتصر أو ستة أحرف مثل استكبر) كما في (نَقرأ القرآن كُلَّ يومٍ ، يجب أن نَتعاون على الخيرِ ، نستعينُ باللهِ على أمور ديننا ودنيانا) .
ب- نون التوكيد : تلحق آخر الفعل المضارع والأمر لتوكيدهما وتجعلهما مبنيان بعد أن كانا مُعربَينِ ، ونون التوكيد لا محل لها من الإعراب ، وهي على نوعين :
1- نون التوكيد الثقيلة : وتكتب مشددة مفتوحة هكذا (نَّ) وتستعمل لتوكيد الفعل بشدّة كقولنا (لأُساعدَنَّ المحتاجينَ) و(إسمعَنَّ نصيحة الحكماءِ) .
2- نون التوكيد الخفيفة : وتكتب خالية من التشديد ساكنة هكذا (نْ) وتستعمل لتوكيد الفعل بدرجة أقل مما تستعمل لهُ نون التوكيد الثقيلة سابقة الذكر ، كقولنا (أتعودَنْ الى المنزلِ مُبكِّراً ؟) و(أكمِلَنْ عملك بسرعةٍ) .
ج- نون رفع الأفعال الخمسة : وهي نون زائدة تلحق نهاية الفعل المضارع اذا كان الفاعل مثنى مُخاطَب (مثل تكتبانِ) أو مثنى غائب (مثل يكتبانِ) أو جمع ذكور مُخاطَب (مثل تكتبونَ) أو جمع ذكور غائب (مثل يكتبونَ) أو مفرد مؤنث مُخاطَبة (مثل تكتبينَ) ، وتعتبر النون علامة رفع للأفعال الخمسة وتحذف عند النصب والجزم حيث يعرب حذفها علامة للنصب أو الجزم .
د- نون النسوة : وهو ضمير رفع متصل تكتب نونه خالية من التشديد مفتوحة هكذا (نَ) تتصل بالأفعال فقط وتجعل الفعل الذي تتصل بنهايتهِ مبنياً على السكون سواءاً أكان الفعل ماضياً أَم مضارعاً أَم أمراً وسواءاً أكان الفعلُ تامّاً أَم ناقصاً (أي كانَ وأخواتها) لكنها لا تتصل بالأفعال الجامدة (أي التي لا يتصرف منها الماضي والمضارع والأمر مثل بئسَ ونِعمَ) ، يُعرب الضمير (نون النسوة) في محل رفع فاعل اذا اتصل بنهاية الأفعال (مثل أُكتُبْنَ الدرسَ) فأكتب فعل أمر مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون النسوة ضمير رفع متصل في محل رفع فاعل ، ويُعرب في محل رفع اسم لِكانَ وأخواتها اذا اتصل بنهايةِ أحدها مثل (الطالبات أصبحْنَ ناجحاتٍ) فأصبح فعل ماضي ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ونون النسوة ضمير متصل في محل رفع اسم لأصبح .
ه- نون جمع وتأنيث الضمائر المتصلة : وهي نون تلحق نهاية عدد من الضمائر المتصلة للدلالة على أن الضمير يخص جمع نساء ، وتكتب مشددة مفتوحة هكذا (نَّ) لكنها تختلف عن نون التوكيد الثقيلة بأن نون التوكيد تلح فقط بالفعل المضارع والأمر في حين أن نون الجمع والتأنيث تلحق بالضمائر المتصلة ، وهي تختلف عن نون النسوة بأن نون النسوة ضمير رفع متصل بينما نون الجمع والتأنيث حرف زائد يلحق بالضمير المتصل للدلالة على أنه يخص جمع نساء ، والضمائر التي تلحق بها نون الجمع والتأنيث (تاء الفاعل ، كاف المفعول به المُخاطَب ، هاء المفعول به الغائب) كما في (أأكرمهُنَّ المديرُ) حيث يعرب أكرم فعل ماضي مبني على الفتح والهاء ضمير نصب متصل في محل نصب مفعول به والنون علامة الجمع والتأنيث ، ولو كتبنا الهاء بدون النون لأصبح يدل على مفعول به مفرد ذكر غائب .
و- نون المثنى : وهي نون مكسورة تأتي في نهاية الإسم المثنى وتكتب هكذا (نِ) مثل (طالبانِ مثنى طالب ، كتابانِ مثنى كتاب) وتحذف هذه النون اذا أُضيفَ الإسم المثنى الى اسم أو ضمير مثل (صديقاكَ مجتهدانِ) و(ابنا محمدٍ مُهذّبانِ) .
ز-نون جمع المذكّر السالم : هي نون مفتوحة تقع في نهاية الأسماء المجموعة جمعاً مذكراً سالماً وتكتب مفتوحة هكذا (نَ) مثل (مهندسونَ جمع مهندس ، فلّاحونَ جمع فلّاح) وتحذف النون اذا أُضيفَ الإسم المجموع جمعاً مذكّراً سالماً الى اسم أو ضمير مثل (مهندسو المصنعِ ماهرونَ ، مدرِّسوكَ مخلصونَ) .
ح- نون الوقاية : هي نون مكسورة تلحق بنهاية الأفعال وعدد من الحروف ، وسميت نون الوقاية لأنها تقي الفعل من الكسر ، ففي الفعل تلحق بنهايته سواءاً أكان ماضياً أَم مضارعاً أَم أمراً ، اذا كان المفعول بهِ الضمير المتصل (ياء المتكلم) ونون الوقاية لا محل لها من الإعراب ، مثل (كرّمني المديرُ) فكرّم فعل ماضي مبني على الفتح والنون نون الوقاية لا محل لها من الإعراب والياء ضمير نصب متصل في محل نصب مفعول به مقدَّم والمديرُ فاعل مؤخَّر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره ، وفي الحروف فنون الوقاية لا تلحق بحروف الجر ما عدى (مِن ، عَن) فتلحق بهما مثل (مِنّي ، عَنِّي) ويجوز أن تلحق بجميع الأحرف الناسخة (أي إنَّ وأخواتها) مثل (إنّني ، ليتني) .
ط- نون التنوين : وهي نون زائدة تلحق نهاية الإسم لفظاً لا خطّاً وتكون بتكرار الحركة التي ينتهي بها الحرف الأخير من الإسم ، مثل (هذا عُصفورٌ ، قرأتُ مجلّةً ، سلّمتُ على محمّدٍ) ، وللتنوين عدة أغراض نبحثها في موضوع لاحق ان شاء الله .