شهادة مهربي مهاجرين إلى أوروبا… دون حرج
- photo
لقطة من فيديو يوتيوب يظهر مهاجرين وهم يطلبون النجدة من حراس السواحل الإيطالية.
باتت شبكات التواصل الاجتماعي مرتعا للمهربين الذين لا يترددون في نشر إعلانات على موقع فيس بوك، مع أرقامهم الشخصية، يعدون من خلالها بعبور إلى أوروبا في أمن ورفاهة… وللتعرف أكثر على طريقة عمل هؤلاء، انتحلنا شخصية مهاجرين يرغبون في العبور إلى أوروبا بطريقة غير شرعية واتصلنا بهؤلاء المهربين.
أغلب الأشخاص الذين يتصلون بالمهربين المتواجدين في مرسين وأزمير، وهما مدينتان تقعان على السواحل التركية، هم سوريون فارون من الحرب.
العديد من المهاجرين غير الشرعيين يمرون كذلك عبر ليبيا، مغتنمين فرصة الفراغ الأمني وانعدام الحراسة على الحدود البحرية. ويحاول هؤلاء العبور من شمال ليبيا إلى إيطاليا، وتحديدا إلى جزيرة لامبيدوزا، مدخل القارة الأوروبية.
من جهتهم، لا يتردد المهربون في إغراء المهاجرين على فيس بوك بشتى الطرق، حتى أن بعضهم يعد بسفرة على متن باخرة فاخرة ولا يتردد في نشر صورها.
صفحة على فيس بوك تعرض على المهاجرين السفر على متن يخت بسعر 5500 دولار.
وقد قام أحد صحافيي فريق مراقبون بالاتصال بمهربين كانا يروجان للعبور غير الشرعي عبر موقع فيس بوك، وأخبرهما أنه يود التحري لمساعدة صديق سوري في العبور إلى أوروبا مع عائلته. وقد أكد المهرب الأول بأنه مستقر في أزمير جنوب تركيا بينما قال الثاني، وهو ليبي الجنسية، بأنه موجود في العاصمة طرابلس.
ليبيا
إليكم تسجيل للمكالمة التي أجراها صحافي فرانس 24 مع فريد (اسم مستعار)، المهرب الليبي. بعض المقاطع من الحوار:
أنا مستعد للقيام باقتراح مثير للاهتمام على صديقك: من المفروض أن أطلب نصف الثمن، أي 500 دولار، لتهريب الأطفال دون سن العشر سنوات. لكنني مستعد لبذل مجهود ولتهريب ابنه مجانا. أما الوالدان، فإني أتقاضى 1000 دولار على الشخص الواحد.
ستكون نقطة انطلاقنا مدينة زوارة قرب الحدود التونسية [أي 120 كم تقريبا غرب طرابلس]. إنها أقرب نقطة للعبور إلى جزيرة لامبيدوزا. ستكون الرحلة قصيرة جدا ولن تتعدى 8 ساعات.
يجب أن يسافر صديقك بسرعة لأن الوضع في ليبيا متشنج للغاية. لكن الوضع آمن في زوارة، والمعارك بعيدة.
"الملاحون مجهزون بهاتف ثريا وبجهاز تموضع عالمي وببوصلة"جميع قواربنا جديدة ويبلغ طول كل واحد منها 26 مترا. هذه القوارب تسع لـ500 شخص لكننا لا نأخذ معنا أكثر من 300. وسيرافق المهاجرين ملاح تونسي أو مغربي أو ليبي مجهز بهاتف ثريا وبجهاز تموضع عالمي وببوصلة.
لن أكذب عليك وأعدك بأنه سيسافر غدا، فعلى المهاجرين انتظار تحسن أحوال الطقس حتى يتمكنوا من العبور. لكن إن لم يكن لصديقك سقف يأويه في زوارة فنحن مستعدون طبعا لإيوائه وإطعامه في انتظار يوم العبور. فنحن نأوي حاليا العديد من العائلات.
سأعطي صديقك رقم سائق أثق به كي يأتي به من طرابلس إلى زوارة وسينتظره أخي عند وصوله إلى المدينة كي يحمله إلى مكان سكناه.
لو اعترضت شرطة الحدود على سواحل لامبيدوزا طريق القارب فسيتم استقبال عائلة صديقك في مخيم حيث سيتم تلقيح جميع الأفراد. ثم تقوم السلطات المحلية بالتأكد من أن لا علاقة لهم بأي تنظيم إرهابي قبل أن تسلمهم وثائق تسمح لهم بالتنقل في إيطاليا أو حتى بالسفر إلى بلدان أوروبية أخرى. كما أنهم سيمنحون صديقك رخصة عمل إن كان يريد العمل هناك.
"لو تجرأ أحدهم على رفع يده في وجه صديقك أو أحد أفراد عائلته فسأقطعها له بنفسي"
صحيح أننا نسمع كثيرا عن مهربين يسيئون معاملة المهاجرين ويضربونهم، لكن بودي أن تطمئن صديقك حول هذا الشأن. وأخبره أنه لو تجرأ أحدهم على رفع يده في وجهه أو في وجه أحد أفراد عائلته فسأقطعها له بنفسي.
لا نملك سترات نجاة للمسافرين لكن بوسع صديقك أن يشتريها من هنا لو أراد ذلك، فثمنها ليس باهظا ولا يتعدى 30 يورو.
"يكفي أن يأخذ معه القليل من العسل والتمر والعصير والماء"
يجب على صديقك أن لا يحمل أمتعة كثيرة معه وفي جميع الأحوال فإن الرحلة لن تدوم طويلا. يكفي مثلا أن يأخذ معه القليل من العسل والتمر والعصير والماء.
بالنسبة لطريقة الدفع، يمكنه أن يقوم بذلك إما بمجرد وصوله إلى زوارة أو قبيل صعوده في القارب إن كان ذلك سيطمئنه أكثر. لا مشكلة لدينا في ذلك، فكل شيء محكم التنظيم.
أنا حاليا في طرابلس كي ألتقي ببعض الزبائن السوريين. اطلب منه الاتصال بي حتى نلتقي ونتحدث بدقة حول تفاصيل الموضوع.
أزمير
حوارنا مع أحمد (اسم مستعار) وهو مهرب مصري.
بعض المقاطع من الحوار :
حاليا لم ننظم بعد لأية رحلة إلى إيطاليا. لكن بوسعنا أن نأخذ صديقك وعائلته إلى اليونان ومن هناك يسعه العبور إلى أي بلد أوروبي يريد، مثل إيطاليا أو فرنسا أو المملكة المتحدة.
تكلفة العبور من تركيا إلى اليونان تبلغ 1200 دولار للشخص الواحد. ومن اليونان إلى أي بلد أوروبي عبر الحدود الأرضية 3000 يورو للشخص الواحد و1500 يورو للطفل.
"يمكننا الحصول على جوازات سفر مزورة"
إن أراد صديقك السفر إلى أي بلد أوروبي على متن طائرة فيمكننا الحصول على جوازات سفر مزورة. في تلك الحالة، سيكون الثمن 4000 يورو للشخص الواحد ونصف السعر بالنسبة للطفل.
أسهل طريقة لدفع المبلغ المطلوب هو أن يقوم بإيداع المبلغ في مكتب تأمين في أزمير تحت شيفرة معينة. يكفي بعد ذلك أن يعطيني الشيفرة كي أتمكن من أخذ المبلغ بعد أن يصل إلى بر الأمان. هناك العديد من هذه المكاتب في أزمير ويكفي أن يتحرى قليلا لكي يجد أحدها [ندد اللاجئون السوريون على موقع فيس بوك بوكلاء هذه المكاتب واتهموهم بكونهم محتالين وعملاء للمهربين].
"بعد أسبوع سيكون معك في فرنسا"
نحن ننظم رحلات يوميا. بعد أسبوع سيكون معك في فرنسا. فالعبور من أزمير إلى السواحل اليونانية لا يتعدى أربعين دقيقة. ولا يوجد أي خطر، إلا في حالة حدوث أمر غير متوقع.
"لا تخشى على صديقك لو اعتقل في اليونان"
مكان اللقاء سيكون في ضواحي أزمير، سأعطيه مزيد التفاصيل عندما يتصل بي. طول القارب الذي سنسافر على متنه 9 أمتار وهو مريح ويتسع لـ 25 شخصا.
لا تخشى على صديقك لو اعتقل في اليونان، فسيمضي يوما في مخيم ثم تفرج عنه السلطات اليونانية في اليوم التالي. وبعد ستة أشهر، سيحظى ببطاقة إقامة.
لو أراد صديقك مثلا المرور إلى فرنسا عبر الحدود البرية فيمكننا أن نتكلف بذلك. لدينا سيارات قادرة على نقله عبر مقدونيا فصربيا فالمجر ثم النمسا. لا يوجد أي مشكلة بالنسبة لعبور الحدود، تلك مهمتنا. وبمجرد أن يصل إلى النمسا، يمكنه اقتناء سيارة أجرة لتنقله إلى فرنسا إذ سيكون آنذاك داخل منطقة شنغن ولا وجود لأية رقابة حدودية.
منذ بداية سنة 2015، تعرض أكثر من 1750 مهاجرا إلى الغرق في البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يمثل 30 مرة عدد القتلى خلال نفس الفترة من سنة 2014، حسب ما أعلنته المنظمة الدولية للهجرة. وفي 21 أبريل/نيسان الماضي، تسبب غرق مركب قرب السواحل الليبية في مقتل 800 شخص، ما يمثل "أبشع موت جماعي يشهده البحر المتوسط" حسب نفس المنظمة.
تم تحرير هذا المقال بالتعاون مع جمال بلعياشي، صحافي لدى فرانس 24.
منقول عن فرانس 24