السلام عليكمم ورحمة الله وبركاته
هل نحن نحلم بالحياة؟
سلسلة من الاقوال لفلاسفة وغيرهم
فما هو الراي الاكثر صراحة ؟؟
لدى
ديكارت مؤسس المنهج الفلسفي الحديث تصور واضح بأنه لا يمكن الاعتماد على حواسنا لإدراك العالم المادي، فمن يدري إن كانت تسخر منا؟
فعندما نحلم نعتقد بأننا نعيش شيئاً حقيقياً، فما الذي يجعل فهمنا للأمور في حالة الصحو ، يختلف عنه في حالة الحلم؟
ولهذا قال:
كيف لنا أن نتأكد من أن الحياة ليست حلماً؟ وأن كل الصور في العالم الخارجي ماهي إلا خيالات، من صنع أذهاننا. وهكذا بدأ مرحلة الشك في المسلمات، ليبني منهجاً فلسفياً صلباً.
وقد كتب الشاعر الأسباني "
كالديرون دولا باركا " نصاً مسرحياً بعنوان ( الحياة حلم ) يقول فيه :
" ماهي الحياة؟
جنون.
ماهي الحياة؟
وهم، ظل ، خيال ......
إن الحياة كلها ليست سوى حلم ....." .
وعبر أيضاً
شيكسبير في أكثر من مرة عن هذه الفكرة في مسرحياته، ففي ماكبث قال: \" ماالحياة إلا ظل يمر...."، وفي هاملت: اليوم نحن على الأرض وغداً لن نكون\" .. وكتب أيضاً: بأن العالم كله مسرح "...
لقد تعود الأنسان على أن العالم المادي الذي يعيش فيه هو كل شي، وأن الأجسام التي تحيط به هي أجسام حقيقية لها بعدها الفيزيائي ووجودها المادي، وأن كل صورة تتشكل في داخل عقله هي مجرد نسخة من صورة حقيقية في عالمه الخارجي، فعندما يقول الأنسان بأنه يرى فهو في الحقيقة لا يرى !!! وإنما هو يرى التأثير الذي أحدثته الأشعة التي وصلت إلى عينيه وتحولت إلى إشارات كهروبائية في داخل الدماغ، لتجعل الانسان في حالة "ابصار" وبهذا يظل يشاهد هذه الاشارات الضوئية ويظن بأنه يرى !
رغم أن الأمر ينطبق على الحواس الأخرى إلا أنه يقوم بشكل تلقائي لا إرادي باثبات حقيقة الأشياء التي يراها، مستخدماً حاسة اللمس مثلاً ليدرك حجم وبعد تلك الأشياء. ويظن بعد قيامه بهذه التجربة البسيطة بأنه وصل لدرجة اليقين في أنه يعيش في عالم حقيقي ليس من نسج الخيال وأنه مستيقظ ومدرك لهذه اليقظة.
عندما نحلم أثناء النوم فنحن ننتقل إلى عالم آخر، عالم قد يشبه عالمنا الذي نعيش فيه، نقابل أشخاص نعتقد بأننا نقابلهم فعلاً، ونتحدث إليهم ، وربما نقوم بأفعال تشابه مانقوم به في حياتنا، وفي بعض الأحيان نتجاوز حدود المعقول ونحلم بأننا نطير، أو نحلم بأن العالم أصبح صغير، وأصبحنا عمالقة تتدمر الكرة الأرضية دون أن تعي ذلك !!
وعندما نستيقظ من النوم، نستيقظ بانفعالات تتفاوت حسب طبيعة أحلامنا، مرعوبين، أو سعيدين، أو مصدومين.... ممسكين بأنفاسنا، لاهثين ومتعجبين كيف وصلنا هنا!!
وكأننا للتو هبطنا من عالم بعيد، قادمين من رحلة طويلة، أختلفت فيها معايير حساباتنا، فالزمن والمكان لايخضعان لقوانين هذا العالم الذي ندركه.
هل سبق وإن فكرت بأنك الآن تعيش حلماً، وأن الأشياء التي تحيط بك ليست سوى انعكاس وهمي لصور حقيقية في عالم آخر، وأن كل لقطة شاهدتها على مدى حياتك، ليست سوى من نسج الخيال؟ وأن الأشخاص الذين قابلتهم في الحقيقة ليسوا سوى ظلال باهتة لأشخاص في عالم آخر، عالم بعيد جداً عن حدود الفهم، وأنك الآن لست سوى نائم وتحلم بأنك تعيش الحياة!!
في عام 1945طرح "
هيو ايفيرت " فكرة مربكة، أقرب لأفلام الخيال العلمي في نظرية
(
الأكوان المتوازية ) تقوم فكرتها على أن عالمنا المادي هو في الحقيقة عالم "احتمالي" إحصائي حيث أن الحقائق العلمية و الثوابت التي نعتقد أنها حقائق، إنما هي حقائق إحصائية و ليست قطعية.
وأنه يوجد أكوان متوازية، شبيهه بكوننا، وكل هذه الأكوان على علاقة بنا، وفي الواقع هم متفرعين منا وكوننا متفرع أيضاً من آخرين !!!
ومن خلال هذه الأكوان المتوازية، حروبنا لها نهايات مختلفة عن ما نعرف. والأنواع المنقرضة في كوننا تطورت وتكيفت في الآخرين. في أكوان أخرى ربما نحن البشر أصبحنا في عداد المنقرضين.
وقبل هؤلاء قدمت
الميثولوجيا "الأساطير" فكرة العالم الموازِ لعالمنا بطريقة تدعم وجودنا الحقيقي، من خلال الإيمان بعالم الآلهه، وعلى هذه الفلسفة المعمرة قامت أغلب الديانات وانتشرت، ولقد عبر العالم الإسلامي الرباني : بأنه لايوجد في العالم الخارجي شيئاً حقيقاً إلا الذات العليا لله، وأن الله خلق هذه الكائنات وأوجدها من العدم بدرجة تتناسب مع الأحساس والشعور البشري.
هذه
الفلسفة الدائمة تفترض بأن كل شي في هذه الدينا هو شئ زائل، وأن ما من شئ يدوم إلى الأبد. وأن الحياة التي نعيشها ليست سوى تهيؤ لحياة أخرى خالدة.
لقد عاش الانسان الأول باحثاً عن فكرة الخلود، وأفنت الحضارات القديمة وقتها في البحث عن مضاد للموت، والسعي خلف اكتشاف اكسير الحياة وأن لكل شي دواء.
إن الانسان يتوه ويتوق لمعرفة هذا العالم، والعالم القديم، يريد أن يعرف كيف كان أجداده، وكيف كانت حياتهم، وكيف كان عالمهم؟ لتساعده هذه المعرفة في الفهم. فهمه لنفسه أولاً وفهم العالم المحيط به.
لهذا كان يحبط كثيراً عندما يتعثر في الفراغ، ويغضب عندما يجبر أن يأخذ بالاحتمالات فهو لايريد سوى اليقين، هذا اليقين لا يمكن أن يأتي مع شئ آخر غير الإيمان.
فالمعرفة ليست بالضرورة هي من تمنح اليقين، فربما كل مازادت المعرفة زاد الشك، كما حدث مع إبراهيم عليه السلام، وكما حدث مع ديكارت كما ذكرت سابقاً.
وكما قيل بأن على الانسان أن يكتفي بوعيه بجهله وأن كلمة لا أدري هي غالباً مرحلة على طريق اليقين.
ومدمتم بود