Thursday 19 april 2012
البرلمان العراقي يسعى اليوم إلى حسم ثلاث قضايا خلافية مهمة
التمديد لمفوضية الانتخابات والثقة بأمين بغداد والاختيار لقضاة التمييز
يسعى مجلس النواب العراقي في جلسة مهمة اليوم الخميس إلى الاتفاق على حسم ثلاث قضايا خلافية بين الكتل السياسية تتعلق بالتمديد لمهمة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وسحب أو تجديد الثقة بأمين العاصمة بغداد صابر العيساوي، ثم اختيار قضاة محكمة التمييز الاتحادية وسط تحذيرات من أن يتم ذلك على أسس طائفية أو عرقية أو حزبية.
تمديد مهمة المفوضية العليا للانتخابات والاتفاق على صلاحياتها
أول القضايا التي سيتصدى لها مجلس النواب اليوم هو محاولة الاتفاق على تمديد مهمة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية التي تنتهي في 28 من الشهر الحالي وتحديد صلاحياتها خلال هذه الفترة، وذلك وسط تجاذبات بين الكتل حول دور المفوضية والموقف من مسؤوليها إثر اعتقال رئيسها فرج الحيدري ومدير الدائرة الانتخابية فيها كريم التميمي لمدة ثلاثة ايام الاسبوع الماضي على خلفية تهم بتجاوزات مالية.
وفشل مجلس النواب الثلاثاء الماضي في الاتفاق على تمديد مهمة المفوضية بسبب عدم انتهاء عمل اللجنة النيابية المكلفة بإختيار مجلس مفوضي المفوضية الجديدة لحد الآن، الامر الذي دعا رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الى تقديم تقرير اليوم عن الموعد الذي ستستطيع خلاله اللجنة انجاز عملها حتى يتم الاتفاق على مدة التمديد الذي سينتهي مع بدء عمل المفوضية الجديدة. وعلمت "ايلاف" أن اللجنة ستوضح في تقريرها أنها ستنجز اختيار مفوضي المفوضية خلال شهرين واستنادًا إلى هذا سيمدد البرلمان عمل المفوضية حتى 28 من حزيران (يونيو) المقبل. وتشترط كتل سياسية وخاصة ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي على تحديد صلاحيات المفوضية خلال هذين الشهرين بحيث لا تشرف على أي انتخابات. لكنّ كتلاً أخرى مثل العراقية والتحالف الكردستاني والمجلس الاعلى وحزب الفضيلة ترى أن يكون التمديد بصلاحيات كاملة.
وامام المفوضية الجديدة مهمتان قريبتان هما الاشراف على انتخابات مجالس المحافظات في اقليم كردستان في ايلول (سبتمبر) المقبل، وعلى الانتخابات المحلية في عموم العراق لاختيار اعضاء مجالس المحافظات في 31 كانون الثاني (يناير) العام 2013.
وتم اطلاق سراح الحيدري والتميمي بكفالة مالية قدرها 15 مليون دينار عراقي لكل منهما على أن يمثلا امام القضاء في وقت لاحق للدفاع عن نفسيهما امام الاتهامات الموجهة لهما بصرف مبلغ 500 الف دينار عراقي (حوالي 380 دولارًا) بشكل غير قانوني. وجاء ذلك وسط تصاعد اتهامات للمالكي بالامر بإعتقال الحيدري والتميمي انتقامًا من موقف المفوضية من نتائج الانتخابات الاخيرة التي جرت في اذار (مارس) العام 2010، والتي خسرها ائتلاف المالكي امام القائمة العراقية، مما اضطره إلى التحالف مع قوى شيعية أخرى ليشكل الكتلة الاكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة ما مكنه من تولي رئاسة الحكومة لاربع سنوات اخرى.
وقد اتهم الحيدري ائتلاف المالكي بالوقوف وراء اعتقاله، مؤكدًا أن القضية سياسية تهدف إلى تفكيك المفوضية والسيطرة عليها من قبل الائتلاف. واكد الحيدري (64 عامًا) الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني أن توقيفه والتميمي يهدف إلى تسقيط المفوضية والتشكيك في عملها ونزاهتها وتشويه سمعتها. واوضح أن التوقيف جاء بناءً على اتهامات عضو التحالف الوطني النائبة عن ائتلاف دولة القانون حنان الفتلاوي حول تورطهما بقضايا فساد مالي واداري في ما يتعلق بعمل المفوضية.
واعتبر مراقبون توقيف الحيدري إحدى مراحل الازمة السياسية الدائرة بين المالكي ومعارضيه الذين باتوا يتهمونه صراحة بالدكتاتورية والانقلاب على العملية السياسية. ويعتبر الحيدري الذي يترأس مفوضية الانتخابات منذ العام 2007، أحد خصوم قائمة دولة القانون النيابية التي يقودها المالكي كونه رفض خلال انتخابات 2010 التشريعية اعادة فرز الاصوات في جميع انحاء البلاد، كما كان يطالب المالكي. وفازت قائمة "العراقية" بقيادة اياد علاوي الخصم السياسي الابرز للمالكي بـ91 مقعدًا من اصل 325 في الانتخابات في مقابل 89 لدولة القانون.
وفشل ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بحجب الثقة عن مفوضية الانتخابات في تموز (يوليو الماضي) حيث منحها مجلس النواب الثقة مجددًا بعد عدة جلسات استجواب تمت بطلب من عضو الائتلاف حنان الفتلاوي. ووصفت بعض الكتل السياسية إلى جانب مفوضية الانتخابات آلية الاستجواب وطريقته بأنهما "مسيستان" على اعتبار ان الاستجواب لم يتطرق إلى أساس عمل المفوضية بل اختص بالجوانب الإدارية والمالية.
ومفوضية الانتخابات هي من الهيئات العراقية المستقلة وتتبع مجلس النواب مباشرة وهو الذي اختار أعضاء مجلس المفوضين الحالي العام 2007. وتشكلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي يترأسها فرج الحيدري بعد انتهاء الانتخابات التي جرت العام 2005 بعد انتهاء عمل المجلس السابق. وأشرفت المفوضية الحالية على ثلاث عمليات انتخابية الأولى لمجالس المحافظات والثانية للانتخابات النيابية والثالثة لإنتخابات برلمان إقليم كردستان، وحصلت على إشادة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات دولة أخرى.
وتتصاعد التوترات السياسية في العراق منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي عندما اتخذ المالكي اجراءات ضد سياسيين بارزين في اعقاب انسحاب القوات الاميركية ويخشى مراقبون من ظهور ميول سلطوية في بعض تصرفاته وينظرون بريبة الى سيطرته على الوزارات الامنية الرئيسية.
سحب الثقة أو تجديدها بأمين العاصمة بغداد
اما المهمة الثانية التي سيتصدى لها مجلس النواب اليوم فهي قضية سحب الثقة أو تجديدها بأمين العاصمة العراقية صابر العيساوي الذي ينتمي الى المجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم الذي يتهمه عدد من نواب ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي بتجاوزات مالية وادارية ضخمة من خلال المشاريع الكبيرة التي تنفذها الامانة لكنه ينفي ذلك بشدة، مؤكدًا أن الاتهامات مردها الى رفض ادارته عروضًا لتنفيذ مشاريع تقدمت بها شركات يملكها النواب ولا تتمتع بالقدرة والكفاءة على انجاز هذه المشاريع.
ويتجه التصويت حول العيساوي نحو التجديد للثقة الممنوحة له نظرًا لعدم تولد قناعات كبيرة حتى الآن لدى اعضاء مجلس النواب بارتكابه تجاوزات مالية، حيث أن الجلسات التي استجوب فيها خلال الاشهر الاخيرة لم تؤكد الاتهامات الموجهة له شخصيًا على الرغم من وجود فساد مالي اعترف به العيساوي شخصيًا مبينًا أنه كان اول المتصدين له.
وقد رجح النائب عن التحالف الكردستاني محما خليل نجاح امين بغداد في تجديد الثقة به خلال التصويت اليوم، وقال إن التحالف سيقف مع العيساوي. ومن جانبه قال النائب شروان الوائلي الذي استجوب امين بغداد: "أنا على يقين من أن جميع اهالي بغداد يدركون تمامًا حجم الفساد في امانة بغداد من خلال معايشتهم لواقع العاصمة وتردي خدماتها وسوء إدارة مشاريعها".
وكان مجلس النواب استجوب العيساوي بطلب من النائب عن ائتلاف دولة القانون شيروان الوائلي، عضو لجنة النزاهة، بتهمة وجود فساد في الامانة . وانهى المجلس استجوابه في السابع عشر من كانون الاول (ديسمبر) من العام الماضي على أن يتم التصويت على اقالته في شباط (فبراير) الماضي لكن المجلس قرر في السادس عشر من الشهر نفسه تأجيل التصويت إلى الأول من شهر آذار (مارس) الماضي بطلب من التحالف الوطني، لكنه لم يتم التصويت على إقالته حتى الآن.
اختيار قضاة محكمة التمييز الاتحادية
كما سيصوت مجلس النواب اليوم على اختيار قضاة محكمة التمييز الاتحادية وسط انتقادات من قبل مجلس القضاء الاعلى لاحالة اسماء مرشحي اعضاء المحكمة على مجلس النواب مباشرة، معتبرًا ذلك مساساً بإستقلالية القضاء، محذرًا من اختيار القضاة على اسس من الانتماءات الطائفية أو العرقية أو الحزبية.
وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء عبد الستار البيرقدار في تصريح صحافي تسلمته "ايلاف" إن ترشيح قضاة محكمة التمييز يمر في بادئ الامر عبر بوابة مجلس القضاء الاعلى بالتصويت ويتم طرح اسماء من جميع محاكم استئناف العراق ممن تتوفر فيهم الشروط من بينها أن يكون الشخص المعني بدرجة نائب رئيس استئناف في اقل تقدير وأن يمتلك الخبرة الكافية من خلال العمل في جميع انواع المحاكم كالجنايات والجنح والاحوال الشخصية كما يجب أن يتمتع بحسن سيرة وسلوك ولا يكون قد تعرض لعقوبات ادارية أو تمس نزاهته، اضافة الى توفر فيه امكانيات تتعلق بكفاءته المهنية وسرعة انجازه لعمله.
واشار الى أنه بعد توفر هذه الشروط، ترفع الاسماء المعنية ويطلع مجلس القضاء على سيرهم الذاتية ويتم تداولها بعد اخذ جميع الملاحظات من قبل اعضاء المجلس في الاعتبار، ومن ثم يتم التصويت بالاغلبية البسيطة واحالة الاسماء على مجلس النواب . واضاف أنه اذا ما استطاع البرلمان التصويت اليوم على قضاة محكمة التمييز سيكون هذا الامر الاول من نوعه منذ العام 2006، موضحًا أن مجلس النواب لم يفلح خلال الاعوام الستة الماضية في التصويت على قضاة لمحكمة التمييز الاتحادية "اذ قمنا بارسال عدة قوائم خلال تلك الفترة لكن دون جدوى واذا ما نجح النواب على تمرير هذه الاسماء ولو البعض منها ستكون المرة الاولى منذ العام 2006 ."
وانتقد المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء الاعلى احالة اسماء القضاة المرشحين لمحكمة التمييز الاتحادية الى البرلمان مباشرة رغم أنها منصوص عليها دستوريًا، وقال إن النص الدستوري الذي منح النواب صلاحية التصويت على قضاة التمييز يمس استقلال القضاء والفصل بين السلطات وفي هذه الحالة سيكون القاضي تحت رحمة السياسي.
ورفض البيرقدار خضوع ترشيح قضاة محكمة التمييز لملف التوازن الذي يجري العمل به في مؤسسات الدولة، وقال إن هناك شروطًا موضوعية يجب تطابقها مع الاشخاص المراد تعيينهم في هذا المنصب وأن يكون الباب مفتوحًا لجميع من تتوفر فيه الشروط من دون النظر الى الخلفيات الطائفية أو الاثنية أو المعتقدات". وأوضح أن عدد القضاة الذين من المقرر أن يتم التصويت عليهم اليوم حوالي 20 قاضيًا من جميع محافظات البلاد عدا اقليم كردستان .
وحول اتهامات بعض السياسيين لبعض المرشحين بأنهم مشمولون بقانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث، اشار بيرقدار الى أن "هذه ليست من مسؤوليتنا في مجلس القضاء لأننا ننظر الى الشروط بموضوعية، اما هذا الامر فتتحمله الجهات ذات العلاقة أي هيئة المساءلة والعدالة التي يجب عليها ارسال مخاطبة بالامر الى مجلس النواب قبل أن تتم عملية التصويت".
وكان مجلس النواب أرجأ التصويت خلال جلسته الثلاثاء الماضي على اعضاء محكمة التمييز الاتحادية الى جلسته اليوم اثر خلاف بين التحالفين الوطني والكردستاني من جهة، وبين القائمة العراقية من جهة أخرى، والتي ارادت أن يكون التصويت على اعضاء المحكمة بسلة واحدة بخلاف رغبة التحالفين على أن يكون التصويت بشكل منفرد.
ومن المنتظر أن تشهد جلسة مجلس النواب اليوم ايضًا التصويت على مشروع قانون حمل الأسلحة، وعلى مشروع قانون تعديل قانون العقوبات الرقم 111 لسنة 1969 ، اضافة الى التصويت على مشروع قانون تمديد خدمة القضاة .
ايلاف