(د ب أ)
تشتهر جزيرة كودياك على خريطة السياحة العالمية بطابعها المتفرّد؛ حيث تتمتع الجزيرة المطلّة على الساحل الجنوبي لولاية ألاسكا بطبيعة ساحرة وتعيش بين جنباتها الدببة الضخمة والنسور الصلعاء، التي تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية شعاراً لها. كما تتمتع الجزيرة بتاريخ حافل ومثير؛ حيث أنها تزخر بتراث شاهد على الإمبراطورية الروسية في أمريكا الشمالية.
وتمتاز جريرة كودياك بأجواء طبيعية مثيرة وشاقة؛ حيث يصل متوسط درجات الحرارة هنا إلى ثمان درجات مئوية طوال العام، وتتساقط الأمطار بكثرة، يتعين على السكان هنا ارتداء السراويل والجواكت يومياً.
دب كودياك
وتنتشر الغابات المطيرة الكثيفة في المنطقة الشمالية الشرقية من الجزيرة. كما يتمكن السياح هنا من مشاهدة الحيوانات الكبيرة، مثل دب كودياك، الذي يعتبر من أكبر الحيوانات المفترسة على وجه الأرض.
وتصف "سو رورر"، المرشدة السياحية، مشاعرها المتضاربة حول الحياة عند خط العرض 58 بقولها: "سواء كنت تحب كودياك أو تكرهها" فإن هذه المنطقة تتمتع بخصوصيتها. ويعيش على هذه الجزيرة حوالي 14 ألف نسمة، وتبعد أقرب مدينة كبيرة "هوميروس" عن ميناء كودياك حوالي 300 كيلومتر.
وتعتبر الأسماك والدببة من عوامل الجذب السياحي في ولاية ألاسكا، وهناك العديد من الشركات السياحية في جزيرة كودياك تقوم بتنظيم جولات سياحية مختلفة عن طريق الطائرات المائية لمدة ثلاث أرباع ساعة لتصل إلى مناطق صيد الدببة الضخمة، التي يبلغ وزنها 700 كيلوغرام، والموجودة على ساحل كاتماي المقابل.
تراث روسي
وهناك سبب آخر يدعو السياح لزيارة جزيرة كودياك أثناء التوجه إلى ولاية ألاسكا، ألا وهو التعرف على التراث الروسي؛ حيث خضعت ألاسكا لمدة 100 عام للسيطرة الروسية؛ حيث أنها تبعد 80 كيلومتراً فقط عن الساحل الشرقي لسيبيريا.
وقد تم بيع هذه المنطقة للولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 1867 نظير 2ر7 مليون دولار، ولم يكن هناك سوى ثمن زهيد، خمسة دولارات لكل كيلومتر، لهذه الولاية الأمريكية، التي شهدت بعد ثلاثة عقود طفرة في اكتشافات الذهب والنفط.
وفي آواخر القرن الثامن عشر الميلادي قام الكسندر بارانوف، المنحدر من منطقة بالقرب من مدينة سان بطرسبرغ، بإنشاء أول مستوطنة روسية في جزيرة كودياك، والتي تضم كنيسة ومدرسة ومؤسسة تجارية. وانطلاقاً من هذه الجزيرة كان الكسندر بارانوف يتحكم في المنطقة شبه القطبية، وأطلق حملات الصيد بحثاً عن الفراء الثمين حتى وصل إلى ولاية كاليفورنيا.
وهناك منزل خشبي باللون الأبيض يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1808 على بُعد مسافة قصيرة من الميناء، ويقع على الطريق البحري الشرقي، ويضم هذا المنزل متحف بارانوف، والذي لا تقتصر أهميته على أنه يروي التاريخ الاستعماري لهذه المنطقة فحسب، بل إنه يسجل ثلاث كوارث طبيعية كبرى حلت بجزيرة كودياك في العصر الحديث.
وقد شهد عام 1912 حدوث انفجار بركاني كبير دفن الجزيرة تحت نصف متر من الرماد البركاني، وفي يوم الجمعة العظيمة من عام 1964 حدث زلزال كبير مع تسونامي دمر الجزيرة. أما الكارثة، التي حلت بالجزيرة خلال عام 1989، فقد كانت من صنع البشر؛ حيث جنحت ناقلة النفط "إكسون فالديز" وانتشر في المنطقة طوفان من النفط. وقد تم استغلال تعويضات حادث ناقلة النفط في إنشاء متحف لتاريخ وثقافة السكان الأصليين بالإضافة إلى مركز للأبحاث البحرية في المنطقة.
ويظهر التراث الروسي في المدينة أيضاً بكل وضوح، وذلك من خلال القباب الزرقاء ذات الشكل البصلي في الكنيسة الأرثوذكسية، بالإضافة إلى أن بعض الشوارع لا تزال تحمل أسماء الأجداد الروس. ولكن اللغة الروسية لم تعد منتشرة كما كانت في السابق.