السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بودلير وقلق الوجود
بودلير وترسى هه بون
بودليـــــــــــــر
لعلّ العنوان هو النتيجة في النهاية ، والمختصر باقتضاب ، لشرور بودلير وآلامه لو شئنا الوصف . وأقول بصدق ، لا تهم التواريخ خلال معرفتنا بشخص الكاتب ، ولا خيبات ذويه ، قدر ما تهمنا مصادر الهامه .
فمن غير المهم ان نذكر أن بودلير ولد لرجل هرم ، لم يتسنى لبودلير أن تمارس عليه الأبوة ، بينما قد يدهشنا أنه بعد ان نزل ذات يوم الى جزيرة موريس ليجد فتاة سوداء تجلد ، وأن نجد أن قصيدة
" قطرس " تعود لحادثة حصلت أمامه ، حينما قام بعد الصيادين امامه بقتل قطرس بعد أن تمكنوا من اصدياده ، وأخذوا يضربونه وهو يحتضر ، هذه هي الأحداث التي تعد بملهمة . أو ان نتوقف عند بداية مصافحة للفقر وجهاً لوجه ، لتكتب قصيدة " عروس الشعر المرتزقة " .
يا عروس فؤادي ، يا عشيقة القصور،
هل من جمرة تدفّئين بها قدميك البنفسجيتين
طيلة الليالي الجليدية في ضجرها القاتم ،
حين يطلق رأس السنة الجديدة مرسلات الشمال ؟!
حومي بالمبخرة كالعبادي الصغير ،
ورتّلي آيات لا تؤمنين بها،
أو فضفضي سحر صنعتك كالبهلوان الطاوي،
وضحكات صاخبة بللتها مدامع لا ترى
إذا اردت اكتساب رغيفك اليومي.
يقول الكاتب ايرنيست فيدو : " لقد نخرت قواه الخمر والأفيون والعمل المتواصل ، فلم يعد باستطاعته الاتصال بامرأة وربط علاقات جنسية معها " . وللنساء حكاية في حياة بودلير ، فحينما كان عشقه الاول لـ فينوس السوداء " جان ديفال " ،
والتي كتب لأجلها العديد من القصائد : الغياهب ، أيتها المعبودة المدهشة ، نهر النسيان ، وغيرها من القصائد . هذه جان التي كتب وصفاً لها طبودور دي بانفيل :
" كانت طويلة القامة ، تحمل فوق كتفيها في نخوة وبساطة رأساً اسمر اللون ، لها مشية اميرة في لطافة ونفور ، لينبعث منها شيء رباني ووحشي في آن معاً " .
وقال حولها سان جاك : " غرابة لونها ولمعان بشرتها العنبرية النارية كانت تسكر أحاسيسه وتنقله لعوالم لا عهد له بمثلها . كل هذا يظهر جلياً في القصائد التي خصصها لها " .
وسرعان ما ظهرت في حياته " الالهة البيضاء " مدام ساباتي " والتي كانت الأوساط الادبية في باريس تلقب بـ " السيدة الرئيسية " والتي كانت خليلة تاجر يهودي ، والتي تعرف عليها بودلير في وقت كان مثقلاً بالديون وفي عراك مع أسرته التي لم تعد تساعده ،
وبدأ الحب حينما صار يكتب لها قصائد دون توقيع في بداية الأمر ، وكانت لا تعيره اهتماماً الى أن انطفئت شعلة الحب بقلبه وصار قلبه جليداً قارس البرودة ، وحدث بعد ذلك أنها شعرت بحبه بعد أن فات الأوان ، وأخذت تكاتبه كعاشقة غيورة ،
فمن بين رسائلها : " شارل ، ماذا ينبغي أن افهم حين اراك تفر مني ؟
ولا شيء سوى انك تفكر في الأخرى " جان ديفال " التي جائت تضع بيننا روحها السوداء وصورتها السوداء .
لكم أتمنى أن اراك تتألم ، ذلك لأن الغيرة احرقت احشائي ومزقت كبدي . يا لها من ليلة مزعجة فضيتها وياللعنات التي صببتها على هذا الحب الجائر ، لقد انتظرتك طوال اليوم عبثاً ، سترى انني ساعرف كيف افرض على قلبي النزول الى درجة الحرارة التي حلمت بها أنت ، لا شك سأتألم ولكني ساصبر على تحمل كل الآلام الممكنة لأنال عطفك ورضاك " .
وبعد مدام ساباتي ، ثمة اخريات منهن من نظم لأجلها قصائد :
سماء مرتبكة ، دعوة الى السفر ، نشيد الخريف ، وهي الممثلة ماري دوبران ،
وثمة اخريات لم يعملن على التأثير ببودلير كما فعلن السابقات .
نذكر من بين أقوال بودلير حول النساء :
- قد يصدر الحب عن عاطفة كريمة ، ولكن حب الامتلاك يفسده .
- المحب يريد أن يخرج من نفسه ويمتزج بضحيته كالغالب والمغلوب ، ومع هذا يريد الاحتفاظ بمزايا الفاتح المنتصر .
- نشوة الحب الوحيدة هي في التأكد من ارتكاب الشر ، والرجل والمرأة يعرفان منذ ميلادهما أن كل نشوة تكمن في ارتكاب الشر .
- اننا نحب النساء بقدر ما هنّ غريبات عنا ، وحب النساء الذكيات من متع المأبون ، والوحشية لا تقبل الابنة .
- لا يوجد سوى محلين اثنين يؤدي فيهما الانسان ثمناً ليكون له حق صرف ماله : المباول العمومية والنساء .
- أمي مدهشة حقاً : انها تحب أن اخشاها وان اروقها .
- لماذا يفضل رجل الفكر الغانيات على السيدات بينما كلهن غبيات ؟ سر يجب استكناهه .
- ما هو الحب ؟ هو رغبة الانسان في الخروج من نفسه .
- كنت دائماً اتعجب من اعطاء النساء حرية الدخول الى الكنائس ، اذ فيم يا ترى يكون حديثهن مع الله !
- المرأة لا تعرف فصل الروح عن الجسد ، لنها بسيطة كالحيوان ، ولو كنت من النقاد الهجائين لقلت بأنها لا تملك الا الجسد .
- ما هو الفن الخالص في المفهوم الحديث؟!
هو ان تخلق سحراً متلاحقاً يحتوي الموضوع والعلة معاً والعالم الخارجي للفنان والفنان نفسه ، بشكل يستطيع معه أن يلقي محاضرة بعنوان ضآلة الحقيقة في العالم الخارجي -
بودلير