مرت بالسوق لتشتري حاجاتها فهي لا تخرج دائماً ، وقد قادتُها أقدامها الى حيث ُ البّزاز هُناك ، فمرت قربه وهي َ تتمايل كَعود ِ ريحان تهزهُ ريح ربيعية لطيفة بقصد المداعبة . فهو ثابت ٌ في أسفله ِ ، ملتوي في وسطه ِ ، ومتحرك في أعلاه ! فأنت لا تستطيع التركيز لرؤيته ِ وإن دققت النظر فأنك َ بذلك تَجلب لنفسك الحسره ولجسمك وجع الرأس لأختلال في ضغطك ربما . لذلك لم يستطيع البّزاز تمالك نفسه ، فقال ؛
غصن ٌ يلتوي
أحدث َ في قلبي دوّي
فأنا إليه لراغب
وبشوقي مُنكوي ..
فنظرت إليه نظرت تعجُب لجرءته ِ على حديثة إليها ، وقالت ؛
ما بال السماء تَغيرت
وبغيوم الفساد تَلبدت
وأمطرت .. !
قلة ذوق أمطرت ..
فأقترب إليها .. ثم قال ؛
سمائي قبلك صافيه
وأنت غَيّرت الرياح السارية
جامعة كل الغيوم بلحظة ٍ
حتى أمطرت ، عِبارات عارية .. !
فغضبت من كلامه ِ حتى رفعت نقابها لتظهر له غضبها في معالم ذلك الوجه الذي بدا كأنه قمر حين البدر ! يُنير بمصباحين طغى عليهُما اللون الأخضر ، مُنزلقاً بينهما أنفٌ رشيق ، لا يوقف أنزلاقه ُإلا شيء كأنه " ثغر " به ِ لمعة غريبة تستطيع نسبها للمعان الشهد حين يفصل نفسه من العسل تكبراً لجماله ِ .
وأقتربت إليه بخطوة خالية من الخوف ، وقالت ؛
ما بالك لا تبالي بما يُقال !
أجماد ٌ أنت َ .. فلا أظنك َمن الرجال !
فما رأيت في حياتي كُلها ..
أفسد من هكذا " تمثال " !
لم يسمع الكلمات ! فقد بُهر بما رأى من إبداع الله تعالى في خلقه ِ ، ورمى المقص من يديه بعد أن قطّع أصابعه بدل القِماش ولم يُدرك ذلك .. وخر مغشياً عليه !
وبعد ساعة أفاق فوجدها تبكي ، وحين رأت البّزاز حياً قالت له ؛ ماذا صنعت بنفسك !
فقال ؛
أنا بريء من دمي
أنت ِ نار ٌ .. وأنا عودٌ يابس ٌ
فكيف منك ِ أحتمي !
سأموت .. إن بقيت كذا
ولابد للضمآن يوماً .. أن يرتوي
فقامت بنية الرحيل بعد أطمئنانها عليه ، تعلو وجهها إبتسامة ظهرت رغم عدم رغبتها بذلك ، قائلـــــه ؛
أنــا نـــار ٌ - أنت قُلت - فكيف تظنني أرويك !
ولكني سأسأل ربي تعطفاً .. بأنه ُ يهديك .
وتركتم وأتيت لأكتب لكم ، ولا أعلم ما جرى بعدي !
كُتبت من قِبل ؛ جواد الزهيراوي ٣٠ - ٤ - ٢٠١٥ م .