العنوسة من أكثر المشكلات التي تشغل بال الأمهات، لذلك يجتهدن ولا يتركن باباً إلا ويطرقنه كي تتحقق أمنيتهن برؤية كل منهن لإبنتها عروساً جميلة في يوم من الأيام، وفي سبيل ذلك يتخطين دروب العقل، ويلجأن إلى الدجالين والعرافين ظنا منهن أن سبب العنوسة قد يكون جناً عاشقاً، أو مساً شيطانياً، أو سحراً، أو غير ذلك!
وعلى الرغم من وجود أسباب حقيقية وقوية ومؤثرة وراءالعنوسة إلا أن الأم لا تعترف بها، وتأبى أن تقبلها، وتفضل أن تبحث في سبب يرضي قناعتها، وقد يقلب هذا السبب الأمور رأسا على عقب، فيزيد الأمر سوءا بدلا من حله.
وهذا هو الواقع المرير التي تعاني منه شابات كثيرات، فما إن يأتي عريس ويجلس مع الفتاة ويذهب ليبدي رأيه لاحقا، ولا يرد لهم خبرا عن رأيه، إلا وتبدأ التخمينات حول هذا الموقف، وتبدأ الأم في التعجب وتتسارع على ذهنها الأسئلة، لماذا لم يأت مرة أخرى ولماذا لم يرد خبرا عن رأيه، فقد كان سعيدا بابنتي وبنا فما حدث؟
والأمر بسيط ولا يحتاج أبدا للقلق فهناك زيجات عديدة يتم فيها الاتفاق على كل تفاصيل الزواج ومن أول مرة لقاء للعائلتين، فالله قد أراد ذلك.. فهل يمنعه سبحانه جن أو مس شيطانه أو سحر، أو ما شابه.. حاشى لله العلي القدير، الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، في حين أن بعض الزيجات لا يحدث فيها ذلك، ويخجل العريس من إبداء رأيه في الفتاة أمام الحاضرين، لحساسية الموقف بل وفي كثير من الحالات يخجل الشاب أن يتصل أو يفوض من يتصل بأهل العروس حرصا على عدم إحراجهم فيصمت إعتمادا على فهم أهل العروس لصمته، وهو أنه لا يوجد قبول أو إرتياح وبالتالي لن تتم الزيجة، وقد يحدث ذلك مرارا وتكرارا ما يزيد إعتقاد الأم بأن خير علاج لفتاتها وفك عنوستها هو اللجوء للدجالين.
وبالتالي تتعرض الفتاة لأسوأ المواقف فتعرض على الدجالين، وتشرب ما يعطى لها، وأحيانا تضطر المسكينة لفعل ما لا يقبله عقلها ولا إيمانها، وتعيش حالة من الرعب، فهناك جن عاشق لها! كما قال لها الدجال الآثم، أو أن هناك من يكرهها في العائلة ودبر لها سحرا قويا لعدم الزواج وتبدأ العلاقات الأسرية في الإنحدار ويصبح الشك رفيقا للفتاة، والأسوأ أنه وفي كثير من الأحياة قد يحدد الدجال من دبر ذلك للفتاة، ويترك الأمر عائما كأن يقول من بيت فلان، أو هناك إمرأة تكرهك قريبة منك، ومن العائلة، وأحيانا قد يقول هي إمرأة من بلدة ... ، وما هو إلا كلام عشوائي يريد به التمويه عن الحقيقة.
والآن عزيزتي الفتاة عليك أن تعلمي أن الجن بريء من تأخيرك عن الزواج، وأن الزواج رزق من عند الله تعالى، والله وحده هو القادر على المنع والعطاء، وكلاهما يكون بحكمة منه سبحانه، وفي الوقت المناسب، فلا تهدري كرامتك بالتسليم للدجالين والعرافين، فإذا اقتنعت بهم أصبحت أسيرة لهم ولأفعالهم المشينة التي لن تجلب لك إلا الدمار، فستنهار صحتك النفسية، وسيصيبك الإكتئاب لأن بقربك منهم ومن أفعالهم بعدت دون دراية عن الرحمن، ألا يكفيك أن يختار الله عز وجل لك، ألا يرضيك أن يبعد عنك زيجات سيئة، ألا يسعدك أن لك ربا بالغيب عليم خبير ويختار ويقدر لك الخير ويبعد عنك الشر.
ومهما تعددت مواقف طلب الزواج، وفسخ الخطبة، ومهما تأخر الزواج، فلا ترجعوها للجن، ولا تذهبوا للدجالين، فتضلوا الطريق، وتسلحوا بالإيمان فهو كفيل بسلامتكم وسلامة قلوبكم، ولا تيأسي غاليتي وإرضي بحكم الله وقدره وكوني على يقين بأن كل منع وعطاء من الله بحكمة يغلمها سبحانه، وسلمي لأمره مهما كان لأنه هو الخير من عند الله.