ستكون رحلة برشلونة الإسباني إلى ملعب «ستامفورد بريدج» في لندن مليئة بالمخاطر عندما يواجه تشيلسي الإنجليزي في ذهاب نصف نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم اليوم. وصحيح أن برشلونة حامل اللقب والطامح إلى أن يصبح أول فريق يحافظ على لقبه منذ ميلان الإيطالي عامي 1989 و1990، يقدم مستويات رائعة في الآونة الأخيرة نتيجة الأداء الخارق لجوهرته الأرجنتينية ليونيل ميسي، إلا أن تشيلسي انتفض بشكل رهيب بعد إقالة مدربه البرتغالي أندريه فيلاس بواس وتعيين مساعده الإيطالي روبرتو دي ماتيو مؤقتا.
وساهم دي ماتيو بإيصال فريقه إلى نصف النهائي للمرة السادسة في تسعة أعوام من المسابقة القارية الأولى التي يلهث وراءها مالك النادي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش، ونهائي مسابقة الكأس للمرة الرابعة في سبعة أعوام بعد سحقه جاره توتنهام 5-1 على ملعب ويمبلي الأحد الماضي، كما أن نتائجه في الدوري الإنجليزي تحسنت كثيرا منذ رحيل فيلاس بواس الذي كان على خلافات مع اللاعبين المخضرمين في الفريق. ويستطيع دي ماتيو تثبيت أقدامه مع الفريق بشكل أكبر في حال نجح في تفجير المفاجأة وتحقيق الفوز على برشلونة الإسباني في الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا.
وبعدما كان متوقعا قبل ستة أسابيع أن يخرج تشيلسي خالي الوفاض من الموسم الحالي، صار بمقدور الفريق ومديره الفني المؤقت دي ماتيو إنقاذ الموسم من الضياع بالمنافسة على لقب كأس إنجلترا، وكذلك على لقب دوري الأبطال. وإذا فاز تشيلسي بأي من اللقبين، فقد يصبح دي ماتيو مدربا للفريق في الموسم المقبل.
ولدى سؤاله عن المدرب الجديد للفريق، قال دي ماتيو «هذا الأمر ليس من شأني.. لا أتطلع لمسافة أبعد كثيرا». ويرتبط دي ماتيو (41 عاما) بعلاقة طيبة مع اللاعبين الذين لا ينادونه بأي لقب وإنما فقط «روبي».
ولذلك يرى البعض أن التفكير في التعاقد مع المدرب الفرنسي لوران بلان، أو استعادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، إلى مقعد المدير الفني للفريق، ليس فكرة جيدة في ظل وجود دي ماتيو الذي أعاد التألق للفريق بعدما أدرك كيفية التعامل مع نجومه، وهي المهمة التي فشل فيها فيلاس بواس على الرغم من إمكانياته التدريبية العالية.
وستعيد هذا المباراة إلى الأذهان مواجهة الطرفين في نصف نهائي المسابقة منذ ثلاثة مواسم، عندما سجل أندريس اينيسيتا هدفا قاتلا (1-1) في 6 مايو (أيار) 2009 كان شرارة فجرت طاقة الفريق الكتالوني ولم تنطفئ بعد، كما أن المواجهة على ملعب «ستامفورد بريدج» شهدت اعتراضات على قرارات حكم المباراة، خصوصا من المهاجم العاجي ديدييه دروغبا (34 عاما) الذي سجل هدفا رائعا في مرمى توتنهام الأحد.
وعن المواجهة المنتظرة، قال لاعب وسط تشيلسي فرنك لامبارد: «في بداية كل مباراة تكون النسب 50-50. نحن في نصف نهائي دوري الأبطال عن جدارة. لا يمكننا إظهار الخوف أمامهم. نحترمهم، لكن سنواجههم بالطريقة التي تعودنا عليها». وتابع لامبارد (33 عاما) صاحب 16 هدفا و11 تمريرة حاسمة هذا الموسم في جميع المسابقات: «عندما أواجه برشلونة أتوقع أن يفوز، لكن عليك أن تثق بنفسك. لقد صعبنا عليهم الأمور في الماضي ونحن جاهزون لتكرار ذلك».
واعتبر لامبارد أن فريقه لن يدخل المباراة راغبا بالثأر: «لا نفكر حقيقة بهذا الأمر. لقد تغيروا كثيرا عن فريقهم السابق ونحن أيضا».
ويصر دي ماتيو على أن برشلونة يعاني من بعض الثغرات في خط دفاعه الخلفي: «علينا استغلالها. تشاهد الطريقة التي يمكن أن تؤذي برشلونة وتحاول خلق المشكلات لهم. لقد شاهدت عدة مباريات لهم». من جهته لم يتخوف مدرب برشلونة جوسيب غوارديولا من التهديد البدني للاعبي تشيلسي: «هل أنا خائف من المقاربة البدنية لتشيلسي؟ كلا، لست قلقا. أنا معتاد على ذلك. لدينا القدرة الذهنية للسيطرة على الوضع». ويعتمد دي ماتيو أيضا على الحارس التشيكي العملاق بيتر تشيك، وقائد الدفاع جون تيري، إلى جانب الصربي برانيسلاف إيفانوفيتش، والظهيرين آشلي كول والبرتغالي جوزيه بوسينغوا، وصانع الألعاب الإسباني خوان ماتا، ولاعب الوسط البرازيلي راميريش، لكن يحوم الشك حول مشاركة قلب الدفاع البرازيلي الآخر ديفيد لويز لإصابته في المباراة الأخيرة أمام توتنهام، في حين يساعد ميسي في مهامه العقل المدبر تشافي واينيستا، والظهير البرازيلي داني الفيش، وقلب الدفاع الأرجنتيني خافيري ماسكيرانو، والمهاجم التشيكي أليكسيس سانشيز، وقائد الدفاع كارلس بويول، كما يتوقع عودة قلب الدفاع الآخر جيرار بيكيه بعد إبلاله من إصابة في فخذه.
واعترف ماسكيرانو، مدافع برشلونة، بصعوبة المباراة المنتظرة في لندن، خاصة بعد تغلب تشيلسي على منافسه توتنهام 5-1 في منافسات الدور قبل النهائي لبطولة كأس إنجلترا. وقال ماسكيرانو: «ستكون مواجهة بالغة الصعوبة، ونحتاج للخروج بنتيجة جيدة من مباراة الذهاب. يضم تشيلسي الكثير من اللاعبين أصحاب القوة البدنية وأصحاب الخبرة الكبيرة». وأضاف: «ولكننا لدينا ثقة كبيرة في إمكانياتنا، ونشعر بإيجابية شديدة. إننا نصارع كل ما نواجهه من تحديات بقوة». ولم يقرر غوارديولا بعد ما إذا كان سيبقي ماسكيرانو ضمن التشكيل الأساسي للفريق اليوم إلى جانب قائد الفريق المخضرم كارلس بويول في قلب الدفاع، أم أنه سيعيد جيرارد بيكي للفريق بعد تعافيه من مشكلات الإصابة العضلية التي أبعدته عن الملاعب خلال الأسبوعين الماضيين.
وسيكون ميسي مصدر الخطر للبلوز بعدما رفع رصيده إلى 63 هدفا في 52 مباراة في جميع المسابقات الأسبوع الماضي (بينها 41 في الدوري المحلي)، بتسجيله هدفي الفوز على ليفانتي في الدوري المحلي، ليقترب من الرقم القياسي الأوروبي المسجل باسم «المدفعجي» الألماني غيرد مولر مع 67 هدفا في موسم واحد. وسيحطم «البعوضة» رقما قياسيا جديدا بحال تسجيله في مرمى تشيلسي، وهو أكبر عدد من الأهداف في المسابقة القارية الأولى في موسم واحد، الذي يتقاسمه راهنا مع الإيطالي - البرازيلي جوزيه التافيني صاحب 14 هدفا لميلان الإيطالي في موسم 1962-1963. وتعليقا على غزارة أهداف ميسي (24 عاما) الذي ساهم بشكل رئيسي في بلوغ برشلونة نصف النهائي للمرة الخامسة على التوالي، إلى جانب البرتغالي كريستيانو رونالدو هداف ريال مدريد الإسباني، قال مدرب برشلونة جوسيب غوارديولا إن اللاعبين «يأكلان على طاولة مختلفة عن بقية اللاعبين».
وأعتقد المخضرم لامبارد الذي يتألق في المباريات الأخيرة مع البلوز أن ميسي تخطى مواطنه دييغو مارادونا في نادي العظماء: «لقد تحسن كثيرا منذ واجهناهم عام 2009، وآنذاك كان لاعبا رائعا. لقد وصل بمستواه إلى درجة لم أشاهدها سابقا في حياتي. لقد نشأت على متابعة مارادونا، كان مثلي الأعلى، لكن أعتقد أن ميسي وصل إلى مستوى أرفع منه. أن تقترب من تسجيل 70 هدفا هو أمر جنوني. يستحق ذلك، وهو أفضل لاعب في العالم». أما دي ماتيو، فاعتبر أنه لا يكفي إيقاف ميسي فقط «لأنهم يملكون عدة لاعبين قادرين على إيذائنا. يجب أن نخوض المباراة بتكتيك جيد واستراتيجية قادرة على وضع حد لخطورتهم».
وسيلعب جون تيري، قائد تشيلسي، مباراة اليوم على الرغم من إصابته بشرخ في ضلعين. وربما يضطر دي ماتيو للدفع بلاعبه برانيسلاف إيفانوفيتش، الذي عادة ما يلعب كظهير أيمن، في قلب الدفاع إلى جانب تيري. وقال دي ماتيو: «تعرض بعض اللاعبين إلى بعض الإصابات الطفيفة، مثل الرضوض والكدمات، ويجب علينا إعادة تنظيم صفوف الفريق من جديد». وتحدث تيري عن «مباراة هائلة» في انتظار فريقه يوم الأربعاء، وقال: «ستكون مباراة بالغة الصعوبة، ولكن إذا تمكننا من اللعب يوم الأربعاء كما لعبنا أمام توتنهام فستكون أمامنا فرصة جيدة».
ولم يفز تشيلسي سوى مرة واحدة فقط على برشلونة في أربع مواجهات سابقة له مع العملاق الإسباني بدوري الأبطال، ولا شك في أن فوز الفريق اللندني الكبير على منافسه توتنهام الأحد، سيرفع روحه المعنوية كثيرا مع سعيه للثأر لهزيمته الأوروبية قبل ثلاثة أعوام. ويطمح تشيلسي للثأر من المواجهة الأخيرة عام 2009 عندما أحرز النادي الكتالوني اللقب الثالث من أصل أربعة في تاريخه، عندما تعادل الفريقان سلبا على ملعب «كامب نو» ذهابا، وإيجابا 1-1 في لندن بهدف أسطوري لاينيستا، لكن في موسم 2006 - 2007 كانت الغلبة لتشيلسي في دور المجموعات الذي فاز 1-صفر على أرضه وتعادل 2-2 في كتالونيا. وفي الدور الثاني من نسخة 2006 عندما أحرز اللقب، تأهل برشلونة بفوزه في لندن 2-1 بهدف متأخر من الكاميروني صامويل إيتو بعد تعادله 1-1 على أرضه، لكن تشيلسي حسم موقعه 2005 لمصلحته في الدور الثاني لخسارته 1-2 ذهابا، وفوزه 4-2 إيابا، في حين حقق برشلونة فوزا ساحقا على خصمه في ربع نهائي 2000 على أرضه 5-1 بعد التمديد بمشاركة دي ماتيو مع تشيلسي، وغوارديولا مع برشلونة، وذلك بعد خسارته ذهابا 3-1، كما تواجه الفريقان في نصف نهائي كأس المدن والمعارض 1966 عندما فاز كل فريق 2-صفر على أرضه، قبل أن يفوز برشلونة بمباراة فاصلة 5-صفر في برشلونة.