مقال حسن عسيري في صحيفة الوطن بعنوان الحرب الجديدة
مفهومنا الكلاسيكي عن الحرب هو كل تلك الوسائل التقليدية لها، مثل الطائرات السعودية التي تقصف مواقف الحوثيين المنقلبين على الشرعية المهددين لحدودنا الآمنة، ولكن من المهم أيضا أن ننظر إلى معركة حقيقية أخرى ضد السعودية، دون أن نرى كل ذلك العتاد العسكري المسلح، معركة من نوع خاص نرى ضحاياها "الآن" وليس "غدا"، وهي: المخدرات التي تأتي معظمها من حدودنا مع اليمن!
نحن في معركة حقيقية وعلى الجميع أن يكون جنديا في محاربتها. فكمية الكبتاجون في المملكة تساوي جميع حبوب الكبتاجون في كل أنحاء العالم! إذ يتم استهداف وإغراق السوق السعودي بما يزيد حتى عن حاجة من أدمنوا هذه المخدرات -عافاهم الله وكفانا- حتى تكون متوافرة وبشكل فائض بأرخص الأسعار، لتكون مغرية لمن لم يفكر في تعاطيها.
حرب المخدرات الموجهة ضد المملكة يمكن قياس ترسانتها من خلال السياسة السعرية التي يتبعها تجار المخدرات، إلى جانب سياسة الإغراق. في الحالتين هناك علاقة عضوية بين السياستين: الوصول إلى جميع الفئات بأسعار تصدم الجميع: نص ريال للحبة الواحدة! استهداف واضح ومدروس لتدمير شبابنا وبناتنا.
هذه الحرب لم نرها مع الأسف في نشرات الأخبار، ولم تكن خبرا عاجلا في يوم ما، ولكن عليها أن تكون كذلك من خلال جميع الوسائل من خلال: منابر الجمعة، البرامج والنشرات والتقارير، والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، ولا بد أن تكون هناك دراما تلفزيونية تشرح خبايا هذا العالم السري القاتل المهدد الأول لنا، بعرض نماذج درامية تسحق فكرة التعاطي وتوضح المخاطر وتشرح طرق الإغواء، وتجعل الأسر تتعايش مع دهاليز هذا السم القاتل ليستوعبوا خطورة المرحلة، ويهتموا بتفاصيل حياه فلذات أكبادهم.
ولنتأكد من مدى شراسة هذه الحرب علينا، وبكل بساطة، ما عليك سوى جلب آلة حاسبة والذهاب إلى "جوجل" للبحث عن الكلمتين التاليتين: ضبط كبتاجون، ستصاب بالملل وأنت تحسب كمية الممنوعات التي تضبطها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في السعودية، بإدارة اللواء أحمد الزهراني، وفقه الله، وستكون على يقين أن هناك عدوا اسمه "الكبتاجون" يستهدف الشاب السعودي.
إنها الحرب الجديدة، وجهود "مكافحة المخدرات" برجالها الأوفياء المخلصين لدينهم وبلادهم خط الدفاع الأول. ومع كل هذه الجهود وكل هذا العدد من الشهداء، إلا أن على كل منا أن يتحمل مسؤوليته في هذه المعركة: رجال الدين، الرياضيون، الفنانون، الجرافيكيون، اليوتيوبيون. يجب أن تكون هناك مبادرات حقيقية كل حسب اختصاصه.
لا بد من مشروع استنهاض للمدمن ذاته، لأن توبة واحد فقط من كل عشرة ربما تؤدي إلى جر رِجل البائع ثم المروج ثم التاجر ثم المهرب الرئيس. كفانا الله وأبناءنا شر المخدرات.
المصدر صحيفة الوطن
http://alwatan.com.sa/Articles/Detai...rticleId=25907