في أواخر القرن الثامن عشر أراد ثري هندي اسمه اصف ألدولة إيصال الماء إلى النجف فأمر بشق جدول يأخذ ماؤه من الفرات جنوب المسيب والذي بدأ يجري فيه بصورة منتظمة منذ عام 1800 م .وسمي (( بشط الهندية )) نسبة إلى الثري الهندي . ولما تم شق الجدول أخذ يتوسع مجراه بمرور الأيام حتى تحولت معظم مياه الفرات إليه وصار نهر الحلة يتضاءل تدريجياً .
وفي عام 1830 أصبح من الضروري توجيه قسم من ماء الفرات إلى فرع الحلة الذي بدأ ماؤه يقل فحاول (( علي رضا باشا ونجيب باشا )) من إنشاء سدة له وتمكن عبدي باشا من سد الفرات وبناء ناظم قوي له من الأجر وقد تهدم ذلك الناظم سنه 1854. ثم بنا عمر باشا سدا ًعظيما ًمن التراب والحطب فلم يبق الا قليلا . وما حلت سنه 1880 حتى اصبح فرع الهندية هو مجرى الفرات الاصلي .
وفي عام 1885 جف نهر الحلة تماما ًواهتمت إسطنبول بالأمر فاستدعت من فرنسا مهندسا معروفا هو المسيو (( شو ندير فر )) ووصل هذا إلى بغداد في خريف عام 1889 وأخذ يتجول دارسا مجرى الفرات وقام أخيرا ببناء سده عرضها ياردتان على شكل جناحين مائلين مع فتحه في الوسط طولها (( 17 )) سبعة عشر قدما وقد حشر لبناء هذه ألسده الكثير من أبناء العشائر وغيرهم واستعملت السخرة .
وتخليدا لذكرى بناء السدة شيدت منارة مرتفعه قريبا من جناحها الأيسر كتب عليها تأريخ الانتهاء من البناء مع تمجيد للسلطان عبد الحميد ولا تزال المنارة قائمه حتى ألان مع العلم أن السدة اندثرت منذ زمن بعيد .
وفي 25 تشرين أول 1890 جرى احتفال بافتتاح السدة وحضره الوالي (( سري باسا )) ومعه عبد الرحمن الكيلاني ورفعت أفندي الجاد رجي وغيرهما ومن أعيان بغداد وأعيان الحلة وكربلاء .
وأن الطابوق الذي بنيت فيه السدة استخرج كله من خرائب بابل واستخدم الديناميت من أجل ذلك حيث كان يوضع في جدران قصور (( بختنصر )) لنسفها واستخلاص الطابوق منها . وقد تصدعت السدة المذكورة في عام 1903 وبقيت الحالة سيئة في شط الحلة إلى إن أكمل (( ويلكوكس )) أنشاء سدة الهندية في عام 1913
سدة الهندية الثانية :
إن السدة التي بناها المهندس الفرنسي (( شو ندير فر )) عام 1890 على نهر الفرات أخذت تتهدم بمرور الأيام حتى إذا حل عام 1905 أصبحت الحالة في شط الحلة أشد مما كانت عليه قبل أنشاء السدة وانقطعت المياه في موسم الصيهود عن أراضي الحلة والديوانية والدغاره .
وفي شهر كانون أول 1908 وصل المهندس البريطاني المعروف السر (( وليم ويلكوكس )) إلى بغداد حيث عينته الحكومة العثمانية مستشارا للري في العراق .
وبعد دراسة الوضع أقترح بناء سده ذات أبواب حديديه على بعد 800 متر من شمال سده شو ندير فر . وأخذت الحكومة بهذا الاقتراح وعهدت ببناء السدة إلى شركه (( جاكسون )) البريطانية وباشرت الشركة العمل في شباط 1911 ، حيث بنيت السدة على اليابسة في الجهة الشرقية من مجرى النهر وأستخدم فيها زهاء 3500 عامل عراقي وجرى العمل فيها بدقه عجيبة ويعود الفضل بذلك للشركة والمهندس في بناء ها بتلك الضخامة في وضع إداري متفسخ .
بلغت تكاليف السدة (( 250000 )) ربع مليون ليره وهذا مبلغ زهيد ويمكن أن نعزو ذلك إلى رخص أجور العمل من حهه ونزاهة المشرفين على العمل من جهة أخرى .
وفي 12 كانون أول 1913 جرى الاحتفال بافتتاح السدة وحضر الافتتاح القناصل وكبار الموظفين والأعيان كما حضره الوالي بالوكالة (( محمد فاضل باشا الداغستاني )) وكان حفلا مهيبا ألقي فيه المستر هويتلي مندوب الشركة خطابا بالفرنسية فأعقبه الداغستاني بخطاب أخر بالتركية .
ثم سار الجميع إلى سد التراب الذي أقيم لمنع الماء من الجريان فتلي دعاء وذبحت الذبائح ، ثم امسك الداغستاني مسحاة أزال بها شيئا من التراب وأندفع من بعده عشرون عاملا فأزالوا سد التراب كله في خمس دقائق وتدفقت المياه نحو السدة