من منّا لم يسمع بتفاصيل معركة الطف ؟! ، فمنذ طفولتنا و الموعد نجز مع تفاصيلها المؤلمة ، منذ طفولتنا ونحن نسمع ونقرأ و نشاهد ، ولعل السواد الأعظم منا لم يكلف نفسه الوقوف أمام بعض التفاصيل الصغيرة منها والكبيرة على حدٍّ سواء ، سلّمنا بكل ما ورد على ألسنة الخطباء و رجال الدين ، ولأنها واقعة مؤلمة بكل المقاييس ، إذ لا واقعة كواقعة كربلاء حقاً ، كان للتأثير العاطفي دوره الرئيس في عدم الاهتمام بدقة تلك التفاصيل ومن ثم التساؤل عنها والبحث عن أجوبة ربما تقودنا إلى أحداث مغايرة لما نعرفه و نختزنه في ذاكرتنا الحاضرة .
جربتُ قياس معلومات الكثير ممن يحيطني عن تلك الواقعة ، فسألتُ عينة عشوائية مختلفة في : الأعمار ، مستويات التحصيل العلمي ، الجنس ، البيئة من حيث الحاضرة والريف ... الخ ، وكان قطعياً: متى بدأت ثورة الحسين ع ؟ فكانت الأجوبة كلها : في زمن يزيد بن معاوية عليه لعنة الله .... كلهم كان يجهل بأن ثورة الحسين ع بدأت في زمن معاوية ، و لم يلتفت أحد منهم إلى أن البيعة أُخذت ليزيد في زمن أبيه لعنة الله عليهما ، وأن الحسين رفض تلك البيعة ، وأن معاوية بأخذه البيعة ليزيد نقض بنود الصلح مع الحسن بن علي ع ، وبذلك فإن ( المبرر القانوني ) تحقق للحسين ع بإعلان الثورة ، لئلا يقول قائل له : أنت تسفك دماء المسلمين كما سفكها أبوك من قبل !
و من ذلك يمكننا قياس مستوى المعلومات ودقتها لدى الجمهور الذي سبق واستمع لتفاصيل كثيرة عن معركة الطف و ثورة الحسين ع .
ولو سألنا :
1- كم هو عدد أصحاب الحسين ع الذين ناصروه وثاروا معه ؟ لجاءنا الجواب قطعياً : هم كذا وسبعين .
2- ماذا حدث لمسلم بن عقيل ع في الكوفة ؟ لجاءنا الجواب قطعياً : تُرك وحيداً ، وخذله رجال الكوفة ، ولم يجد من يدله على أزقتها وسككها ، حتى ألجأ إلى دار طوعة .
3- ماذا حدث حين طلب الحسين ع الماء لابنه الرضيع ؟ لجاء الجواب قطعياً أيضاً : جاوبه عمر بن سعد لعنه الله باستدعاء حرملة لعنه الله ليقول له : اقطع نزاع القوم ، فقال حرملة لعمر بن سعد : أتريد الأب أم الابن ؟ فقال عمر : بل الابن .
4- لماذا تخلف عن الحسين ع من تخلف من بني هاشم بل من بني أبي طالب ؟ و من هم الذين تخلفوا ؟ و هل هم مشمولون بقول الحسين ع (( من سمع واعيتنا ولم ينصرنا .... الخ الحديث )) ؟ لجاء الجواب : لا أدري !
5- ماذا تستشف من قول محمد بن الحنفية للحسين ع : اذهب لأحد الثغور ... و نصيحته للحسين ع بعدم الذهاب إلى العراق ؟ وماذا تستشف من آخر رسائل الحسين ع قبل استشهاده ع والتي وجهها إلى محمد بن الحنفية والتي يقول فيها : من الحسين بن علي إلى محمد بن الحنفية .. وكأن الدنيا ما كانت وكأن الآخرة ما زالت ؟؟ لما حصلنا على جواب أيضاً سوى أن محمد بن الحنفية كان ينصح الحسين ع عطفاً عليه مما سيقع .
هنا سنكون على موعد مع حلقات حوارية ، سيكون مصيرها مرهون بتفاعلكم للوصول إلى إجابات عن تلك الأسئلة و غيرها مما سيقودنا إلى غير ما علمنا عن ثورة الحسين ع ومعركة الطف ، على موعد مع فتح ملف معركة كربلاء نحن .. محبتي