كالشفق العابث تتسكع بين أروقة الرحيل ..
كالباسق الجريح تسافر دون أرصفةٍ للسلام ..
تغتال حبال الوصل وتقصف راحةً بالذكريات ..
يا صاحبى ..!
وكلما ناديتك بكى البكاء لِبكائى ..
وكلما رمقتك هزت الذكريات كيانى ..
واختصر الحنين طريقاً إلى فُؤادى وعادت مقطورة الذكرى لتدك طعون أوجاعى ..!
قلى يا صاحبى ..! ماذا لو سال الدمع على الوجنات ..!
من يبرأ الدمع حينها ..!
ماذا لو طاردنى شبح الإنهيار خلف أورقة الضياع ..!
أين ألُوذ وإلى أين المنتهى ..!
قلى ..! ماذا لو غادرت الطيور سمائى إلى أفق الحُطام ..!
من ذا يعيد غناء البلابل ..!
كيف أرسم طريقاً سرمدى العطاء دون يدٍ
تُساند يدى إذا ما تعثرت بِعثرة الفناء ..!
قلى ..!
من ذا يعيدنى إلى التعقل بعد الجنون ..!
بالله عليك ..
إسمع حديثى يا صاحبى فهو يحمل نبرةً واحدة معزوفة ذكرى بأوتار مَلَكْتُها لكْ ولا تسلنى إن كنتُ أشتاقك وأشتاق وصالك ..
بل انظر بين خطوة أكفك ستجدننى سجين أنازع الموت وينازعنى ..
تنفس بعمق ستجدننى ذرةً تُصارع أخواتها لِتدخل جوفك ..
أغمض عينيك فلن يغيب طيفى عن خيالك وابتسم لِقطرة المطر إن سالت وداعبت جبينك ووجنتاك ..
سلم عليها وامسحها بِرفق ..
كما كنت تُربِتُ على كتفى حين ألُوذ من هُراع العالم إليك .. إلمس الهواء ستشعر بوجودى حتماً فأنا جزء من كيانك ..
أنا بعضك ..
أنا كلك يا صاحبى ..
أنا أنت يا صفحة البياض ..
فلتجمع شتاتى ولتنثره بين طبقات الألم المكين إن قررت الرحيل ..!
أشعل مصابيح الليل وسط النهار ..
فما عاد النهار نهاراً فى العيون ..
دثرنى باندثار الذكرى فالبرد سيخرق أنفاس الدفئ حينها ..!
ويفتُ ضلوع الحنين لِيحتسى من ترياق الماضى وعلى حرارة أنفاسى ومشاعرى ..
إرحل إن أردت ولكن ليكن الرحيل إلى مواطن اللقاء ..
لا إلى الهُجران والضياع .. ولتكُن لى وطن .. فأنا يتيمٌ بلا أوطان .. شريدٌ أقطر وجعاً كهتان ..
جرحٌ أنا بِملامح إنسان ..
فكن لى كما تكون لنا الأوطان ......