طور الخبراء برامج قائمة على الذكاء الاصطناعي، يمكنها التعلم والتكيف مع بيئتها، بشكل يمكنها من أداء أعمال كثيرة بدلاً عن الإنسان، بدءاً من خدمة العملاء، وصولاً إلى الرد على الاستفسارات القانونية، وهم يتوقعون أن تكون في غضون سنوات قليلة موجودة في كل مكتب ومألوفة للجميع.
وذكرت مجلة «نيو ساينتست» العلمية المتخصصة، في تقرير حديث لها حول هذا الموضوع، أن شركة الاتصالات البريطانية «أو 2»، استبدلت 150 موظفاً، أخيراً، وأحلت محلهم أحد هذه البرامج الذكية. وقال ويين بترفيلد، الذي يعمل على تطوير العمليات في الشركة: «العمليات التي أصبح يتم القيام بها أوتوماتيكياً، سحب شريحة الهاتف المتحرك، تحويل أرقام الهواتف، التحول من البطاقات المدفوعة إلى الخط الثابت، وتحويل الاشتراك من الشركة إلى أخرى».
استخدامات متعددة
ويقول الخبراء إن تمكين برامج الذكاء الاصطناعي عبر التدريب بشكل مكثف، وإدخال مزيد من البيانات فيها، يمكن أن تتيح لها العمل بمفردها، وقال جاسون كينغدوم المدير التنفيذي لشركة «بلو برزون»، ومؤسس شركة «أو 2» للذكاء الاصطناعي: «هذه البرامج تقلد الإنسان، وتؤدي ما يؤديه الإنسان تماماً، حيث يبدو البرنامج، وهو يطبع على الشاشة ويؤدي مهام القص واللصق».
ويستخدم بنك «باركليز»، برنامج «بلو بريزم» الذكي للتعامل مع الأعداد الكبيرة من مطالب الزبائن التي انهالت على البنك بعد أن طالبته الحكومة البريطانية بدفع مستحقات العملاء، عقب ارتكاب خطأ في بيع بطاقات التأمين.
واستخدمت شركة «روس» الكندية جهاز الكمبيوتر الفائق «واتسن» من شركة «أي بي إم»، لمعالجة كل البحوث القانونية أوتوماتيكياً، من دون الاعتماد على المساعدين القانونيين، وذلك لأن أدوات البحث القانوني تقتصر على البحث عبر استخدام الكلمات الرئيسة، ويقدم البرنامج الذي تستخدمه شركة «روس» للأسئلة المحددة، على غرار ما قد يفعله الباحث.
حيث تركز في الوقت الحالي على إيجاد أجوبة بشأن القوانين الكندية، وتعطي الدليل على أجوبتها، وفي حين تركز برامج الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، على الشؤون القانونية، فإن أجوبتها قد تقتصر على الإجابة بنعم أو لا.
ويقول المسؤولون في الشركة، إن استخدام هذه البرامج يقلل من الوقت الذي يمضيه المحامون في كل قضية، وذلك لأنها ستفتح موقعاً لمختلف القضايا، بحيث يقل الوقت الذي يمضيه الأشخاص في البحث عن أجوبة لأسئلتهم القانونية، ويعد برنامج شركة «روس»، الأسرع بين مختلف البرامج الذكية المعنية بالشؤون القانونية، لأنها تبحث في أقسام جديدة كلياً، عادة ما يهملها الأفراد.
الذكاء الاصطناعي
وبينما يتعلم برنامج «بلو برزون»، ويتكيف مع مختلف البرامج المصممة لعمل الأفراد في الشركات، فإن برنامج «روس» يتعلم، ويتكيف مع استخدامات المحامين لمختلف الملفات في الشركات والمحاكم، ويعيد توظيف وسائل معالجة اللغة، ويمسح ويحلل عشرة آلاف صفحة مكتوبة كل ثانية، قبل أن يبدأ بإعطاء أفضل الإجابات.
ويقول المحامون إن شركة «نيونس» للاتصالات، ومقرها في ولاية ماساتشوستس، تستخدم برامج للذكاء الاصطناعي، تحل بعض مشكلات اللغة المستخدمة في برامج شركة «روس» في مختلف قطاعات الاقتصاد والطب.
وفي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يستخدم الأطباء والممرضات أشخاصاً كثيرين لكتابة الوصفات الطبية، ولربط الوصفات الطبية مع آلاف فواتير التأمين، وتركز لغة البرنامج على تحليل الملاحظات، والربط بين البيانات المختلفة، ويستخدم النظام بالفعل في عدد محدد من مستشفيات الولايات المتحدة.
ولكن كيف سيبدو شكل العالم في الوقت الذي يعمل البشر إلى جانب برامج الذكاء الاصطناعي؟ يقول ديفيد أوتر الاقتصادي في معهد ماساتشوستس للتقنية، إن استخدام البرامج الذكية بشكل كبير، يقلل من العمل الشاق الذي بذل في الماضي، ويسمح للأشخاص بإنجاز عمل أكثر إثارة للاهتمام.
المشكلة المحتملة مع تحويل البرامج إلى أوتوماتيكية، مثل برامج «بلو برزون» و«روس»، أنها تبدأ بإنجاز أنواع من البرامج تفضي إلى نتائج مختلفة، ويبقى المسؤولون متفائلون حيال دور هذه البرامج في المستقبل، وتقول الشركات البريطانية، إن التغيرات بدأت للتو، وبشكل سريع، وعندما يصل الناس إلى تلك المرحلة، فإن البرامج ستبدأ بتقديم شيء جديد، أكثر ذكاء مما يقدمه الإنسان.
التوظيف الأوتوماتيكي
الذكاء الاصطناعي على وشك تقديم عدد من الوظائف للإنسان، وقد تكون المرحلة اللاحقة التركيز على سائقي سيارات التاكسي من نوع «آبر»، التي أسست شركات للسيارات تدخل المال في الجهاز، وتتحكم في البحث عن المكان المطلوب، وسيتم التحكم بالقضايا الأخلاقية والقانونية للمسألة.
وكذلك الأمر بالنسبة للمحللين السياسيين، فشركة «كينشو» المتمركزة في كامبردج، تستخدم أجوبة للأسئلة المالية التي يمكن للمحللين أن يستغرقوا ساعات طويلة كي يجيبوا عنها، وعبر الغوص في البيانات، يمكن للبرامج الإجابة عن هذه الأسئلة، مثل أي البورصات تعمل بشكل أفضل بعد انهيار بنك ما.