أهلا بكم في فلسطينصالح عوض
المتضامنون مع الشعب الفلسطيني انتقلوا من اكثر من مكان في أوروبا إلى فلسطين.. تجمعوا من عواصم دولية عديدة وتجشموا اعناء السفر لكي يقدموا الدليل تلو الدليل على حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها شعب تم تمزيقه وتشريده.. لم تقف الإدارات الغربية في حياد، تاركة المتضامنين يعبرون عن موقفهم السلمي، بل لجأت الى الغاء حجوزاتهم من شركات الطيران الرسمية، وعملت جهدها لتبديد حماستهم وإحباط مبادرتهم، الا ان العزيمة الصلبة للمتضامنين أكدت من جديد ان الرهان على الضمير الإنساني مسألة وجيهة، ويجب ان تولى اهمية بالغة لدى اصحاب القضية لتوسيعها والاستفادة منها في ايصال الرسالة واضحة، لكن يبدو ان للقوم شؤونا اخرى عن مثل هذه القضية..السلطات الاسرائيلية أصابها الذعر، وهي ترى أعدادا من الأوروبيين يتلفعون بالشعارات الفلسطينية، يتوافدون من عواصم اوروبا.. وتتكشف الديمقراطية الاسرائيلية على حقيقتها انها ديمقراطية العصابة المغتصبة، ديمقراطية المافيا المسلحة بالجريمة.. فمجرد قيام عدد محدود من الأوربيين بالتضامن مع الفلسطينيين كان كافيا لكي يصيب المؤسسة الصهيونية بذعر شديد، ذلك أنها مؤسسة عنصرية لا تحب ان تسمع سواها وعلى الآخرين فقط ان يستمعوا لروايتها الممجوجة، وفي مثل هذه المواقف تتجلى حقيقة مستقبل الدولة المصطنعة.هنا تكبر الأسئلة: اين الفلسطينيون، واين العرب، واين المسلمون من الرأي العام الدولي الشعبي؟ كم ينفق العرب على تكوين رأي عام شعبي دولي مساند لقضاياهم؟.. نسمع بين فينة وأخرى قيام أمير عربي بدفع ملايين الدولارات من اجل حديقة حيوان في بريطانيا، وقيام أمير آخر بدفع ملايين من الدولارات من اجل علاج قطة مصابة بإحباط في دولة اوربية.. ونسمععن الملاهي والترف العربي الرهيب الذي ينفق بلا حساب في اوروبا، ولا يتوخى منه سوىإضاعة المال والهيبة..ان قيام المتضامنين الأوربيين بتأييد الحق الفلسطيني وبمواجهتهم للمنطق الصهيوني الزائف، انما هو في الحقيقة يكشف هزال منطقنا الذي يعتمد على اقناع المرسسات الاستعمارية، وينفق كل ما لديه من كرامة وجهد علّه يقنع صناع القرار في الغرب، وكأن اصحاب القرار هناك تنقصهم المعلومات والمعرفة، وكأن سواهم من صنع نكبة فلسطين،وكأنهم ليسوا هم من يزود اسرائيل بكل ما يضمن تفوقها الاستراتيجي من خلال ترسانةاسلحة محرمة دوليا.ان الموقف الانساني الشعبي في مستويات عديدة من النخب الأوروبية والمتطور لصالح القضية الفلسطينية يدعو اصحاب القضية من عرب ومسلمين ان يغذوا هذه الحالة لكي تصبح قوة اجتماعية معتبرة يمكنها ممارسة الضغط المطلوب على صناع القرار في بلدانهم، والغريب ان الرأي العام الشعبي في اوروبا متعاطف مع قضايا العرب دون بذل جهود معتبرةمن قبل العرب في هذا الميدان.لقد سبق ان اعلن الأكاديميون الانجليز عن موقف صلب لصالح القضية الفلسطينية، واعلنوا مقاطعة الكيان الصهيوني العنصري، وطالبوا المجتمع الدولي بتفكيكه على اعتبار انه مصدر القلق العالمي، وانه آخر معاقل الميز العنصري.. وفي الاتجاه نفسه، هناك منظمات عديدة دولية في اوروبا وامريكا ومنها ما هو يهودي، وجميعها تتصدى لفكرة وجود دولة اسرائيل.. الا ان الاعلاميين العرب والسياسيين العرب والمثقفين العرب مشغولون عن ذلك بما يلقى في ساحاتهم من الهبات.. فمتى نتحرك في الاتجاهات الصحيحة؟!
الكاتب: