في المناطق الريفية والشعبية المصرية، يمتنع أهل المتوفى عن الطبخ، إذ لا يليق أن ينشغلوا عن راحِلهم الذي يبكونه ويستغفرون له. في المقابل، لا يليق أيضاً أن يأتي ضيوفهم وأقاربهم للعزاء من دون حصولهم على واجب الضيافة، وقد وفّرت التقاليد الموروثة حلاً لهذه الحالة.فور الإعلان عن الوفاة، تتّجه نساء الجيران إلى مطابخهنّ. وسريعاً تنطلق بعض الصواني المحمّلة بالطعام إلى بيت المتوفى. بينما يتمّ تجهيز المجموعة الأساسية من الصواني، لتذهب إلى دار المناسبات (المضيفة). من العادة أن تصل النساء والفتيات حاملات الصواني على رؤوسهن قرابة أذان المغرب، ريثما تبدأ فترة الاستراحة في تقبل العزاء. تتكون المائدة عادة من لحم أو دجاج أو بطّ مع الأرز والخضروات المطبوخة والخبز وبعض السلطات والمقبلات. وقبيل أن يأتي موعد الطعام، يتسلم الصينية رجل من أهل الدار، فيجلس أمامها، ويقوم بدعوة الضيوف إلى صينيته ثم خدمتهم حتى يفرغوا من طعامهم.أما المشايخ القرّاء، الذين يحيون العزاء بتجويد القرآن ويسمّون "الفقها أو الفُجَهَا أو الفُوءَها"، (وفقاً لاختلاف اللهجات بين القرى) فلهم طعامهم الخاص، وهي "صينية المشايخ" المميزة كمّاً وكيفاً.أثناء العزاء، تقدّم القهوة التركية "سادة" (من دون سكر)، ويلتزم بذلك إذا كان المتوفى شاباً، بينما يمكن أن تقدّم قهوة محلاّة، وفق طلب الضيف، إذا كان الراحل شيخاً كبيراً أو امرأة عجوزاً. أما المشايخ، فيتناولون مشروبات تساعد أوتارهم الصوتية، مثل العنبر والينسون.للعزاء في مصر، مجموعة من الملاحق، إذ يعمر الناس المقابر، ويجتمعون في يومي الخميس التاليين لحادث الوفاة. يطلقون على الأول "الخميس الصغير"، والثاني "الخميس الكبير"، ثم الأربعين، ثم الذكرى السنوية. وفي تلك الملاحق تُصْنع مخبوزات مخصوصة، تشبه "الكحك"، وتسمى "القُرَص"، وتوزّع أصناف من الفاكهة على الجيران، وبعضها على المتسولين، ويطلقون على هذه الوجبة الخفيفة "رحمة ونور"، في إشارة إلى أنّ الصدقات تنير قبور الراحلين. - See more at: http://www.alaraby.co.uk/miscellaneo....KjvjQUVu.dpuf