Sunday the 15th april 2012
العراقية تنفي «شائعات» مغادرة زعيمها علاوي البلاد بلا عودة
إجراءات لإطلاق الحيدري والمالكي يرفض إتهامه باعتقاله
المعتقلان فرج الحيدري و كريم التميمي
بينما تبدأ اليوم اجراءات باطلاق سراح رئيس مفوضية الانتخابات العراقية العليا فرج الحيدري، رفض رئيس الوزراء نوري المالكي الاتهامات التي وجهت إليه بالأمر باعتقاله لأسباب سياسيّة تعود إلى نتائج الانتخابات العامة الاخيرة. في وقت نفت القائمة العراقية ما وصفته بالشائعات عن مغادرة زعيمها أياد علاوي العراق بلا عودة، مؤكدة أنه سيرجع إلى بغداد متى ما استكمل زياراته ولقاءاته السياسية الخارجية الحالية.من المنتظر أن يبدأ اليوم محامو رئيس مفوضية الانتخابات العراقية العليا فرج الحيدري وزميله رئيس الدائرة الانتخابية كريم التميمي المعتقلين منذ الخميس الماضي، بإجراءات لاطلاق سراحهما مقابل كفالة مالية على أن يمثلا أمام القضاء في وقت لاحق للدفاع عن نفسيهما أمام الاتهامات الموجهة لهما بصرف مبلغ 500 الف دينار عراقي (حوالي 380 دولارًا) بشكل غير قانوني.
يأتي ذلك وسط تصاعد اتهامات لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالامر باعتقال الحيدري والتميمي انتقامًا من موقف المفوضية من نتائج الانتخابات الاخيرة التي جرت في اذار (مارس) العام 2010، والتي خسرها ائتلاف المالكي امام القائمة العراقية مما اضطره إلى التحالف مع قوى شيعية أخرى ليشكل معها الكتلة الاكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة، مما مكنه من تولي رئاسة الحكومة لأربع سنوات أخرى.
المالكي يتهم مهاجميه بإعادة ثقافة البعث والدكتاتورية
وإزاء الاتهامات التي وجهتها شخصيات وقوى سياسية له بالوقوف وراء اعتقال الحيدري والتميمي فقد اتهمها المالكي بدوره بمحاولة "إعادة ثقافة البعث والدكتاتورية البائدة". وقال إنه لا بد من إدانة هذه التصريحات المتوترة التي تسعى الى إثارة المشاحنات وعدم الاستقرار وارباك الوضع السياسي عن عمد".
وأضاف المالكي في بيان لمكتبه الاعلامي تلقته "إيلاف" الليلة الماضية "أن التصريحات والمواقف وكذلك الاتهامات، التي أثيرت نتيجة اعتقال رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات السيد فرج الحيدري وعضو الهيئة السيد كريم التميمي من قبل القضاء على خلفية التحقيق في الملفات المطروحة، تدعو الى توضيح جملة من الحقائق التي قد تذهب ضحية الصراعات السياسية والمناكفات بين الكتل والأحزاب ويكون الخاسر الاساسي فيها الدولة ومؤسساتها الدستورية والأسس التي تبنى عليها".
وقال: "إننا في الوقت الذي نؤكد عدم علم دولة رئيس الوزراء بعملية الاعتقال الا بعد وقوعها، فإننا ندين اطلاق الاتهامات والتسرع في توجيهها الى هذا الطرف أو ذاك رغم العلم ببطلانها وأن ذلك يدل بصورة واضحة على عدم احترام هذه الجهات لمؤسسات الدولة وفي مقدمتها القضاء الذي يتشدقون بالدفاع عن استقلاله ويتظاهرون بالحرص على نزاهته لكنهم يسارعون الى اتهامه بشتى التهم لمجرد عدم رضاهم عن أي عمل يقوم به أو أي حكم يصدر عنه".
وأشار الى "أن إشاعة ثقافة الاستهانة بمؤسسات الدولة وعدم احترام استقلالها هي التي تهدد النظام الديمقراطي وتعيدنا الى ثقافة البعث والدكتاتورية البائدة". وتابع بالقول: "إن احترام كرامة الاشخاص وحقوقهم المشروعة أمر واجب لكنه لا يمكن ان يكون مبررًا لانتهاك حرمة المؤسسات الدستورية أو الاستهانة بها وأننا لا نستطيع المحافظة على حقوق المواطنين والدفاع عن كرامتهم من دون مؤسسات قوية ومحترمة".
وأضاف المالكي "أن الخلافات السياسية موجودة في كل المجتمعات لاسيما المجتمعات التي تعيش في أنظمة ديمقراطية لكن تبقى دائمًا هناك خطوط حمراء تتعلق بمصلحة الوطن العليا واستقرار الدولة لا يمكن المساس بها تحت كل الظروف ولهذا لا بد من إدانة التصريحات المتوترة التي تسعى الى إثارة المشاحنات وعدم الاستقرار وارباك الوضع السياسي عن عمد".
وأكد بالقول: "رغم ثقتنا الأكيدة بوعي المواطن وقدرته الكبيرة على تمييز الحقائق ومعرفة الغث من السمين لكننا نجد من الخطورة بمكان الالتهاء بهذه الصراعات عن العمل الجاد في بناء الدول وتقديم الخدمات وتطوير حياة المواطنين".
ومن جهتها، قالت بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق "يوناميٍ" إنها على علم بشأن اعتقال اثنين من اعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في بغداد منذ 12 نيسان الحالي. ودعت يونامي في بيان صحافي الى تطبيق الاجراءات القانونية بشأن احتجاز العضوين الحيدري والتميمي. وأشارت البعثة إلى أنّها تواصل متابعة الوضع عن كثب مشددة على أنه ينبغي أن تطبق حيال هذا الامر الاجراءات القانونية وفقًا للمبادئ المنصوص عليها في الدستور العراقي.
وكان مجلس القضاء الاعلى قال الجمعة إن الاعتقال تم بناء على قيامهما بصرف مكافآت من ميزانية المفوضية العليا للانتخابات لموظفي التسجيل العقاري لقيامهم بتسجيل قطع الاراضي المخصصة لهم.
غير أن الحيدري أوضح أن القضية تتعلق بمكافآت صرفها هو والتميمي العام 2008 وفق الصلاحيات التي يتمتعان بها لأربعة أو خمسة موظفين حصة كل واحد منهم 100 الف دينار، أي أن المبلغ لا يتجاوز الـ 500 الف دينار (حوالي 380 دولارًا).
انتقادات للمالكي
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد اتهم امس المالكي بالوقوف وراء اعتقال فرج الحيدري، وذلك بهدف "تأجيل أو الغاء الانتخابات المحلية". وقال الصدر في بيان له: "الذي أمر بهذا الاعتقال هو الاخ نوري المالكي بالتحديد". وأضاف: "لعل الاعتقال يصب في مصلحة الاخ رئيس الوزراء حسب ظني لأنه يسعى الى تأجيل أو الغاء الانتخابات فاحذروا". ورأى أن "سبب الاعتقال يحتاج الى دليل"، مؤكدًا أن "اعتقال الحيدري يجب أن يكون تحت طائلة القانون لا تحت نير الدكتاتورية".
ومن جهتها، قالت رئاسة اقليم كردستان "إن إقدام السلطات في بغداد على إصدار قرار التوقيف بحق كل من السيدين فرج الحيدري، رئيس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وكريم التميمي عضو مجلس المفوضين، يُعد انتهاكاً صارخاً ومساساً خطيراً بالعملية السياسية، وبالتالي تفريغها من المحتوى الديمقراطي وتقويض المسيرة الديمقراطية في البلاد". وأكدت "أن قراراً كهذا إنما يستهدف استقلالية هيئة الإنتخابات، ويُراد منه إجهاض العملية الديمقراطية من خلال إحكام السيطرة على مؤسسة مستقلة تعنى بتسيير العملية الإنتخابية في البلاد، وبالتالي قيام من يقفون وراء هذه الألاعيب المغرضة والمكشوفة بتمرير ما تبقى لديهم من نوايا وأهواء".
اما القائمة العراقية بزعامة علاوي فقد اعتبرت الحيدري "ضربة" للعملية الديمقراطية وعقوبة للمفوضية من قبل المالكي "على عدم تزويرها نتائج الانتخابات"، فيما طالبت مجلس النواب باتخاذ موقف حاسم وواضح من القضاء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة. وقال المتحدث باسم القائمة حيدر الملا إن "اعتقال الحيدري يعني أن مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية اصبحا، اليوم، مكاتب تعمل لدى رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي" معتبرًا هذا "الامر يمثل عقوبة للمفوضية العليا من قبل المالكي لعدم تزويرها نتائج الانتخابات وجعله في المرتبة الاولى".
ويُعتبر توقيف الحيدري احدى مراحل الأزمة السياسية الدائرة بين المالكي ومعارضيه الذين باتوا يتهمونه صراحة بالدكتاتورية والانقلاب على العملية السياسية. ويعتبر الحيدري (64 عامًا) القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الذي يترأس مفوضية الانتخابات منذ العام 2007، أحد خصوم قائمة دولة القانون النيابية التي يقودها المالكي كونه رفض خلال انتخابات 2010 التشريعية اعادة فرز الاصوات في جميع انحاء البلاد، كما كان يطالب المالكي. وفازت قائمة "العراقية" بقيادة أياد علاوي الخصم السياسي الابرز للمالكي ب91 مقعدًا من اصل 325 في الانتخابات في مقابل 89 لدولة القانون.
وفي حزيران (يونيو) العام 2010 طالب المالكي البرلمان بسحب الثقة من الحيدري الا أن الاحزاب الأخرى رفضت المضي في ذلك. وقال مصدر برلماني الجمعة إنه "من المفترض أن يصوت البرلمان في 28 من الشهر الحالي على التمديد لاعضاء المفوضية لشهرين إضافيين الا أن قائمة دولة القانون ترفض التمديد لرئاسة الحيدري".
مجلس القضاء الأعلى يدافع عن الاعتقال
وازاء ضجة الاستنكار التي جوبهت بها عملية احتجاز الحيدري والتميمي فقد سارع مجلس القضاء الاعلى الى القول بأن قرار توقيفهما "جاء بناء على قيامهما بصرف مكافآت لموظفي التسجيل العقاري لقيامهم بتسجيل قطع الاراضي المخصصة لهم من ميزانية المفوضية العليا للانتخابات". وأكد الغاء قرار بالافراج عنهما "باعتبارهما قد تصرفا بأموال الدولة لصالحهما وهي جناية يعاقب عليها بالسجن لمدة لا تزيد عن سبع سنوات".
غير أن الحيدري قال في تصريحات صحافية عبر الهاتف من مكان توقيفه في مركز للشرطة قرب المنطقة الخضراء: "لا اعتقد أن هذ الخطوة موجهة ضدي، بل ضد المفوضية وضد كل العملية السياسية في العراق". وأوضح أن توقيفه جاء على خلفية "دفع نحو 100 الف دينار (حوالي 380 دولارًا) لثلاثة أو اربعة اشخاص يعلمون لدى المفوضية، وذلك في مقابل اوقات عمل إضافية وهذا أمر طبيعي جدًا". واتهم الحيدري النائبة حنان الفتلاوي المنتمية الى قائمة دولة القانون بزعامة المالكي بأنها تقف خلف الاتهامات الموجهة اليه.
العراقية تنفي "شائعات" مغادرة زعيمها علاوي البلاد بلا عودة
إلى ذلك نفت القائمة العراقية ما سمّته بالشائعات عن مغادرة زعيمها أياد علاوي العراق بلا عودة، مؤكدة أنه سيعود الى بغداد متى ما استكمل زياراته ولقاءاته السياسية وبعض الاجراءات الطبية البسيطة والالتزامات العائلية الحالية.
وقالت المتحدثة الرسمية بإسم العراقية النائبة ميسون الدملوجي إن بعض الاوساط الحريصة على التخرص قد دأبت على اطلاق الشائعات المغرضة ضد رئيس ائتلاف العراقية وامين عام حركة الوفاق أياد علاوي وآخرها أنه سيمكث في اربيل ولن يعود الى بغداد بسبب التهديدات على حياته.
وأكدت الدملوجي في تصريح صحافي لـ"ايلاف" ردًا على تقارير أشارت إلى أنّه غادر العراق الى غير عودة، "أن علاوي يتعرض لمحاولات ومخططات اغتيال مستمرة كان آخرها قبل اكثر من عام بقليل عندما انكشف مخطط لاغتياله من قبل قناصة عند سفره من المطار المدني بعد أن مُنع هو وآخرون من استعمال المطار العسكري وقد كذبت الحكومة هذا الخبر حينها لكنها عادت وأكدته بعد أن انكشفت خطة الاغتيال وهذا المخطط وغيره لم يثنِه عن الوجود في بغداد ولحد الآن وعلى الرغم من وجود خطط جدية جداً حاليًا لاغتياله الا أن هذا لن يثنيه على الاطلاق ومتى ما استكمل زياراته ولقاءاته السياسية وبعض الاجراءات الطبية البسيطة والالتزامات العائلية فإنه سيكون في بغداد". وشددت الدملوجي بالقول "إنه لا العراقية ولا الوفاق ولا علاوي لهم مكتب في أربيل، فمكاتب الاخوة الكرد جاهزة لاستقبالهم في أي وقت".
وكان علاوي اتهم الاسبوع الماضي "عناصر مرتبطة بإيران" بالتخطيط لاغتياله وقال في مقابلة تلفزيونية إن عناصر مرتبطة بإيران أعدت مخططات لاغتياله وأنه تلقى تحذيرات من دول عربية بشأن ذلك. وأضاف أنه تلقى اتصالات من قادة دول عربية، آخرها كان من "قادة دولة عربية هامة" حذرته من وجود مخطط لاغتياله واستهداف قادة القائمة العراقية.
واتهم علاوي إيران بالتدخل في شؤون العراق الداخلية، وفي شؤون عدة دول عربية وانتقد زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد "إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة من قبل إيران" مؤخرًا وحمل بشدة على "تصريحاته هناك حول العرب".
وكانت تقارير أشارت إلى أنّ علاوي قرر عدم العودة الى بغداد لكشفه محاولة خطيرة لاغتياله منذ شهرين. وأضافت أن علاوي اتخذ مكتبين في اربيل وعمّان، وقد كلف فريقاً سياسياً واعلامياً لادارة حركة الوفاق وهو بانتظار تغيير رئيس الحكومة نوري المالكي بشخصية أخرى وزوال خطر الاغتيال قبل العودة الى بغداد.
ايلاف