سوريا تسرق مياه دجلة بمباركة تركية وتمويل كويتي
لم تمضي اشهر معدودة على تنفس العراقيين الصعداء من تدخلات دول الجوار في الشأن العراقي واللعب بدماء الابرياء العراقيين عبر ضخ الاموال والمتفجرات والسيارات المفخخة والاجساد النتنة لتفجير وقتل الناس الابرياء وتهشيم اجساد النساء والاطفال وتهديم البنية التحتية للبلد وتهجير الالاف من رجالاته الى خارج وداخل البلد والتي تمخضت بمئات الالاف من الارامل والايتام من العراقيين.. حتى هبت على الشعب العراقي مؤامرة جديدة وكبيرة بنفس الوقت ولكن بشكل وصورة مختلفة هذه المرة.
وذلك بعد معارك مائية لم تحسم بعد خاضها العراق مع جارته تركيا ، تلوح في الافق معركة مائية جديدة بين الجارة سوريا التي بدأت بوادرها من خلال اعلان دمشق عن مشروع لسحب مياه نهر دجلة إلى داخل الأراضي السورية بهدف ري نحو 200 ألف هكتار من أراضيها وبتمويل من الجارة الثالثة الكويت .
وزارة الموارد المائية العراقية عبرت عن قلقها من المشروع واصفة اياه بالمفاجئ ، داعية الجانب السوري إلى اجتماع عاجل لتوضيح حقيقة هذا المشروع ، فيما عده احد اعضاء لجنة الزراعة والمياه والاهوار في مجلس النواب السابق انه ياتي تبعا لاتفاقية ابرمتها دمشق مع النظام السابق ، مطالبا الحكومة العراقية بموقف يلغي الاتفاقية .
و قال المدير العام لمشاريع الري والبزل في وزارة الموارد المائية علي هاشم " لقد طلبنا مؤخراً من السوريين وعن طريق وزارة الخارجية العراقية عقد اجتماع مشترك للبحث في حقيقة المشروع الإروائي الذي تعكف سوريا على تنفيذه عبر جّر مياه نهر دجلة إلى أراضيها لغرض الإرواء وحتى الآن لم يتم تحديد أي موعد لهذا الاجتماع لكننا دعونا إلى الإسراع في عقده خلال أقرب وقت ممكن ، مضيفا أن أي سحب من مياه النهر سيؤثر بلا شك على الحصة المقررة للعراق والتي بالأصل هي متدنية، وهو ما يعني بالتالي حدوث انعكاسات خطرة على الواقع الزراعي والاقتصاد المحلي" في البلاد ".
ودعا هاشم الى " ضرورة تفعيل أعمال اللجنة الثلاثية المعنية بتقاسم المياه بين الدول المتشاطئة العراق وتركيا وسوريا ".
بدوره قال عضو لجنة الزراعة والمياه والاهوار في البرلمان السابق جمال البطيخ " إن العراق يحتاج إلى موقف حكومي مسؤول يلغي اتفاقية سحب سوريا لمياه نهر دجلة التي ابرمها النظام السابق ، موضحا في تصريح له أنه توجد اتفاقية بين سوريا والعراق في زمن النظام السابق في عام 2002 وتقضي بالسماح بذهاب كمية من مياه دجلة إلى سوريا في ملتقى الحدود العراقية التركية السورية، ونحن نحتاج موقفا حكوميا مسؤولا لتعليق هذه الاتفاقية او على الاقل الغائها لحماية حقوق العراقيين".
وأضاف البطيخ " أنه في هذا الظرف فإن العراق يمكن أن يعلق هذه الاتفاقية جراء الضرر البالغ الذي يسببه شح المياه، ولااعتقد أن الموقف الرسمي بالمستوى الذي يمكنه أن يعترض على هذه الاتفاقية او يعلقها حفاظا على كمية المياه الواردة من تركيا عبر نهر دجلة ، مبينا أن السوريين يقدرون هذه المسألة بالنسبة للعراق لأنهم يعرفون أن العراق متضرر من قضية المياه وهو احوج ما يكون إلى اي كمية ممكن أن نذهب إلى الجانب السوري او اي جانب آخر، ونحن شهدنا بالفترة الاخيرة تكالب دول الجوار على قضية المياه خاصة الجانب الايراني والجانب السوري والجانب التركي".
وعبر البطيخ عن اسفه "لأنه لم يكن هناك موقف مسؤول من الحكومة العراقية تجاهها وعمليات التصحر بدأت تزداد والكثبان الرميلة تزحف على المناطق الزراعية لأنها لم تصلها المياه ولم تزرع مما تسبب بضرر كبير في اقتصادنا ولم نجد الجهات الفنية المسؤولة في الدولة منع تداعي هذا الموضوع".
من جانبها لم تعلن دمشق بعد عن موقفها من الدعوة العراقية للاجتماع والمقرر مطلع حزيران المقبل لمناقشة القضية ، معتبرة أن المشروع الذي أقرته الحكومة لجر مياه نهر دجلة مشروعاً قديماً يعود لعشرات السنين وليس مفاجئاً .
ونقلت وسائل الاعلام السورية عن مصدر سوري رفيع المستوى قوله " أن المشروع يعد ثمرة من ثمرات تحسن العلاقات السياسية بين سوريا وتركيا وتطورها إلى الحد الذي دفع الأخيرة إلى إعطاء الضوء الأخضر للمباشرة بتنفيذ هذا المشروع " في اشارة الى موافقة الجانب التركي على المشروع واعطاء دمشق الضوء الاخضر لتنفيذه.
ورأى المصدر " أن عدة عقبات واجهت المشروع ، مشيرا الى ان العقبة الأساسية الكامنة في الاختلاف في المفاهيم والمصطلحات مع الجارة تركيا التي تعتبر نهري دجلة والفرات من الأنهار العابرة للحدود، كونهما ينبعان من حوض الأناضول بتركيا ويعبران سوريا والعراق، اللتين تعتبرهما نهرين دوليين يخضعا للقسمة المتساوية ".
وقال المصدر" إن الحكومات التركية السابقة رفضت توقيع أي اتفاقية لتقاسم المياه مع سوريا والعراق بتشجيع واضح من الخارج الذي خدع الحكومات التركية من خلال إقناعها بأن تركيا يمكن أن تجد قوتها في المياه ".
وكان العراق قد اتهم تركيا في أيلول الماضي بتقليل حصته من المياه من 500 متر مكعب في الثانية المتفق عليها عام 1987، إلى أقل من 120 متراً مكعباً في الثانية، بحسب الخبراء، بينما عزت الحكومة التركية السبب إلى قلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض مناسيب المياه في سد أتاتورك.
وشهد العراق في السنوات الأخيرة أزمة حادة في المياه حيث تعرضت عشرات الأنهر الفرعية والجداول في وسط وجنوب العراق للجفاف ، كما أدى انخفاض مناسيب المياه العذبة في شط العرب الى زحف مياه الخليج المالحة نحو مدينة البصرة، وبالتالي تهديد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
وتعود احد اسباب هذه الازمة الحادة في المياه الى قيام تركيا بإنشاء سلسلة من السدود على أعالي نهري دجلة والفرات فيما يسمى مشروع جنوب شرق الأناضول .
من جهته يساهم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في دعم تنفيذ المشروع الذي يهدف لسحب مياه نهر دجلة من أقصى الحدود السورية مع تركيا والعراق ولمسافات طويلة الى داخل محافظة الحسكة السورية.
وقال وزير الزراعة الكويتي عادل سفر" إن الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ساهم في تمويل مشاريع اقتصادية مهمة في سورية في مختلف المجالات، ولاسيما مشروع جر مياه نهر دجلة إلى محافظة الحسكة الذي سيساعد على إرواء نحو 180 ألف هكتار وتأمين فرص عمل جديدة في المحافظة وزيادة رقعة المساحات المروية وزيادة إنتاج المحاصيل الإستراتيجية ، مشيرا الى إمكانية مساهمة الجانب الكويتي في تمويل عدد من المشاريع الزراعية الكبرى داخل الاراضي السورية ".
وينبع نهر دجلة وطوله 1718 كم من مرتفعات جنوب شرق هضبة الأناضول في تركيا ويمر في سوريا لمسافة 45 كم فقط في ضواحي مدينة القامشلي ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند بلدة فيش خابور التابعة لمحافظة دهوك ، وتصب في النهر مجموعة كبيرة من الروافد المنتشرة في أراضي تركيا وإيران والعراق لعل أهمها وأطولها الخابور، والزاب الكبير، والزاب الصغير، والعظيم، ونهر ديالى ، وينتهي النهر بالتقائه جنوب العراق بنهر الفرات مكونين شط العرب الذي يصب بدوره في الخليج.