بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك

وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


نقل أحدُ مراجع التقليد أيام دراسته وقبل أن يتصدى للمرجعية، عن أحوال السيّد أبي الحسن الإصفهاني أيّام مرجعيته، قال: كنت قد كتبت استفتاءً للسيّد ولم أشأ أن أُزاحمه لأخذ الجواب في الأوقات العادية حيث يكون مشغولاً إمّا بالتدريس أو اللقاءات العامّة والخاصّة في بيته الذي يغصّ بالوافدين، فقرّرت أن أذهب إليه قبيل صلاة الفجر؛ لعلمي أنّه يكون مستيقظاً آنئذ لأنّه كان يصلّي صلاة الصبح جماعة في روضة أمير المؤمنين سلام الله عليه، فذهبت قبل أذان الفجر بزهاء ساعة إلى بيته فرأيت المصباح مضاءً فطرقت الباب، وعندما خرج الخادم سألته فيما إذا كان السيّد مستيقظاً فأجاب بالإيجاب، فطلبت منه أن يخبر السيّد أنّ فلاناً وراء الباب، فمكثت هنيهة حتى عاد الخادم واصطحبني إلى داخل الدار، فرأيت السيّد والرسائل متناثرة بين يديه يجيب عليها، ففي بعضها استفتاءات، وفي بعضها الآخر حاجات يطلب أصحابها قضاءها.



فقلت للسيّد: أرسلت لكم منذ أيام رسالة أستفتيكم فيها عن مسائل.

فقلّب السيّد الرسائل حتّى استخرج رسالتي ثمّ قال لي: عندما عدت إلى البيت كان بعض الأشخاص - كالعادة - ينتظرونني لقضاء بعض الحاجات أو للإجابة على أسئلتهم، وبعد أن خرجوا رأيت أن أنتهي من الإجابة على هذه الرسائل قبل تناول العشاء، فبقي الطعام على الموقد الذي تراه أمامك على نار هادئة والرسائل لم تتمّ بعد، ومنها رسالتك هذه. ثمّ تناول رسالتي فأجاب عليها.


أقول: لا شكّ أنّ السيّد أبا الحسن الإصفهاني لم يكن آنئذ شاباً بل كان شيخاً ضعيف البنية وكان هذا الجهد المتواصل والبقاء دون عشاء حتّى الفجر لا يخلو من أثر سلبيّ على بدنه الضعيف، ولكن عندما يكون الإنسان كمن قد رأى الجنّة فهو فيها منعّم، تكون روحه كبيرة وتقوى على تحمّل هذه الصعاب، وهكذا عندما يكون الإنسان كمن قد رأى النار فهو فيها معذّب، تراه يحتاط في أُموره كثيراً؛ حذراً من الوقوع في ما يسخط الله تعالى ويستوجب النار.