Friday the 13th april 2012
أعلنت التريث في تنفيذ خطط لحذف الاصفار من الدينار العراقي

الحكومة تنفي عزمها إخضاع المركزي لهيمنتها وتتجه لتغيير محافظه


في مواجهة الانتقادات الواسعة لمساعي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في الهيمنة على نشاط البنك المركزي العراقي والسياسة النقدية للبلاد، فقد نفت الحكومة اليوم سعيها إلى ربط البنك بها. فيما أعلنت التريث في تنفيذ خطط لإلغاء الأصفار من العملة المحلية الدينار.

أكد مجلس الوزراء العراقي على وجود طلب من الحكومة بربط البنك المركزي بها، وقال الأمين العام للمجلس علي العلاق في بيان تسلمت "ايلاف" نسخة منه إن "الحكومة العراقية لم تطلب ربط البنك المركزي بالمجلس أو حتى تحاول إضعاف استقلاليته".
وكان رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي أكد الاربعاء الماضي على ضرورة عدم تبعية البنك للحكومة، وذلك لمنع وضع اليد على اموال العراق أو تنفيذ الاحكام الدولية الصادرة ضده من قبل الدائنين. فيما حذرت اللجنة المالية النيابية من خطورة هذه المحاولات على احتياطي العراق البالغ 64 مليار دولار.
وأكد النجيفي خلال اجتماع مع محافظ البنك المركزي العراقي البروفسور سنان محمد رضا الشبيبي على "ضرورة استقلال البنك المركزي والمحافظة على مسؤولياته للسياسة المالية في البلاد استنادًا الى احكام الدستور العراقي، وكذلك قانون البنك المركزي العراقي 56 لسنة 2004.
وقد وجه النجيفي رسالة الى المالكي، اثر التفويض الذي منحته المحكمة الاتحادية للمالكي بالسيطرة على المؤسسات المستقلة والحاقها بمكتبه الشخصي، يطالبه فيها بعدم التدخل في امور البنك المركزي وفيها بيان لمهام وواجبات هذا البنك الذي يعد من المؤسسات المستقلة.
وتؤكد مصادر مالية أن محاولة المالكي الهيمنة على نشاط البنك المركزي هو بسبب رفض محافظه سنان الشبيبي على طلبات متكررة من رئيس الوزراء بتقديم الديون للحكومة وتغطية عجزها المالي رغم الايرادات الكبيرة المتحصلة من تصدير النفط. ويعتبر البنك المركزي إحدى المؤسسات المستقلة وتمكن عبر ادارته من شخصية اقتصادية عراقية ودولية مرموقة والممثلة بالمحافظ الشبيبي من تحسين اوضاع العملة العراقية والمحافظة جهد الامكان على قيمتها.
وتقول هذه المصادر إنه اذا كان المالكي قد تخلى حاليًا عن اخضاع البنك المركزي لسلطته فإنه متوجه بدلاً من ذلك نحو استبدال محافظه الخبير الاستراتيجي الشبيبي بمستشاره الاقتصادي عبد الحسين العنبكي أو وزير التخطيط السابق علي بابان أو أي شخصية أخرى تكون خاضعة لتعليماته. ومن جانبه، حذر البنك المركزي من أن محاولات الحكومة اقالة الشبيبي تؤثر على عمل البنك ومستوى ادائه، مبيناً أن استقلالية العديد من مؤسسات الدولة ومنها البنك المركزي عرف ابدعته الدول الديمقراطية المتقدمة ولا يعني التفرد بالقرار.
وما يؤكد هذا التوجه لتعيين محافظ جديد للبنك المركزي هي الانتقادات التي بدأ يوجهها لسياساته عبد الحسين العنبكي، مستشار المالكي الاقتصادي، الذي قال إن سياسة البنك المركزي لرفع الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي غير صحيحة لأنه ارتفاع غير حقيقي. وأضاف أن البنك بهذه الطريقة يعمل على حماية المنتج الأجنبي على حساب المنتج المحلي، مشيرًا الى أن البنك لم ينسق مع منظومة السياسات الاقتصادية الأخرى في معالجة الوضع الاقتصادي في العراق.
وقد انتقدت اللجنة المالية البرلمانية محاولات المالكي بالحاق البنك المركزي بمجلس الوزراء مبينة أن"هذه الاجراءات تعد خرقًا للدستور الذي يعد المركزي من الهيئات المستقلة والمسؤول عنها مجلس النواب". وكان ممثل المرجعية في كربلاء عبد المهدي الكربلائي أشاد في خطبة الجمعة مؤخرًا بالسياسة المالية للبنك المركزي العراقي، داعياً الى "دعمه والحفاظ على استقلاليته من اجل ارتفاع قيمة الدينار العراقي امام العملات الاخرى ودعم القدرة الشرائية للمواطن العراقي". وشدد بالقول إن "البنك المركزي العراقي بسياسته المهنية والعلمية استطاع أن يحافظ على قيمة العملة العراقية منذ العام 2003".
يذكر أن الفصل الرابع من الدستور العراقي لسنة 2005 قد ادرج الهيئات المستقلة، ضمن المواد (102 إلى 108) وعد الدستور في المادة (102) كلاً من المفوضية العليا لحقوق الإنسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النزاهة، هيئات مستقلة تخضع في عملها لرقابة مجلس النواب، وبذلك ترتبط هذه الهيئات بأعلى مرجع تشريعي في الدولة العراقية ويتم تنظيم أعمالها بقانون يصدر عن مجلس النواب.

الحكومة تعلن التريث بتنفيذ خطط لالغاء الاصفار من الدينار العراقي

إلى ذلك، أعلنت دائرة شؤون مجلس الوزراء العراقي قراراً يتم بموجبه التريث في تطبيق عملية حذف الاصفار من العملة الوطنية الدينار العراقي "لأن الظروف الاقتصادية للبلاد لا تسمح بذلك حاليًا". وقال مدير عام الدائرة إن القرار يوجب ايقاف الإجراءات كافة المتعلقة بعملية الغاء الاصفار إلى إشعارٍ آخر. وجاء قرار مجلس الوزراء هذا بناء على ما عرضته لجنة الشؤون الإقتصادية العليا.
وكان البنك المركزي العراقي اشار في آب (أغسطس) الماضي إلى أنه يخطط لحذف الأصفار من الدينار العراقي لتسهيل المعاملات المالية التي تتم من خلال النقد في معظم الاحيان. ومن بين الصعوبات التي يواجهها العراق اذا ما اراد الاقدام على حذف الاصفار من الدينار هو سحب حوالي 30 تريليون دينار متداولة في السوق العراقية حاليًا ثم التخلص منها واستبدالها بعملة جديدة.
ومن جهته، حذر المحلل الاقتصادي إبراهيم المشهداني من تنفيذ مشروع حذف الاصفار الثلاثة من العملة، موضحًا أن هذا المشروع مهم ويحتاج إلى استقرار سياسي واقتصادي أكثر في البلد عند تطبيقه. واشار في تصريحات لصحف محلية إلى أن مثل هذا المشروع لا يمكن تمريره خلال فترة زمنية قليلة فهو يحتاج إلى وقت أطول لدراسته تفصيلياً ومعرفة ايجابياته وسلبياته لتجنب حدوث مشاكل اقتصادية ربما تحدث بسببه.
وأضاف المشهداني أن المشروع يحتاج إلى استقرار اقتصادي وسياسي أكثر قبل تنفيذه وهذان العاملان غير متوفرين في الوقت الحالي نتيجة للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد على الرغم من أنه مهم من ناحية تخفيف الكتلة النقدية التي تتعرض لحالات تزوير كثيرة وصعوبة تداولها، مشيراً إلى أن الدول التي خاضت هذه التجربة كانت تتمتع باستقرار اقتصادي وسياسي في بلدانها مثل تركيا التي حذفت 6 أصفار من عملتها.
اما المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي عبد الحسين العنبكي، فقال إن عملية حذف الاصفار من العملة المحلية ستزيد من ظاهرة غسيل الأموال. واشار الى أن الحكومة أبلغت البنك المركزي بوجود مخاطر على الأمن الاقتصادي في حال أصر البنك على حذف الاصفار من العملة المحلية. وأضاف أن هذه العملية تكُلف الوقت والجهد للحكومة والبنك المركزي وترفع من مستوى احتيال بعض الجماعات الإرهابية للقيام بتهريب الأموال إلى خارج البلاد.
ايلاف