السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من الدروس التي نستفيدها من الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام هو المعرفة التامة بالله سبحانه وكلمة المعرفة هنا لنا ، والتامة خاصة له عليه السلام فقد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت ويقول عليه السلام ؛ لو كشف لي الغطاء ما أزدت يقيناً ويقول أيضاً عليه السلام ؛ أول الدين معرفته ، لذا كانت عبادته ع لا طمعاً في جنة ولا خوفاً من نار وإنما وجد الله أهلاً للعبادة فعبده ومن كلماته ع ( إلهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا إلهي أنت كما أحب فأجعلني كما تحب ) هكذا كانت علاقته ع مع ربه وقد كانت هذه العلاقة محور حياته فلا يقول قولاً ولا يفعل فعلاً ولا يتقدم ولا يتأخر إلا في حدود وظائف العبودية وحقوق الربوبية ، تنسب إليه كلمة مضمونها ( ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وبعده وفيه ) أي إن علياً ع كان يعيش في رحاب الله وأنه لم يغفل عنه ولا للحظة .
هكذا كان عليه السلام في ذكر دائم لله وحياة مستمرة في رحاب الله سبحانه وحركة دؤوبه لنيل رضاه وإذا أقتضت طبيعة البشرية أن ينام ويأكل ويشرب مما يعده تقصيراً في وظائف العبودية فأنه عليه السلام كان نومه عبادة كما ورد عن النبي الأكرم ( نوم العالم عبادة ) ومن يكون أعلم من علي ع ! وأكله وشربه وحركته كانت كلها لله تعالى .
سأل عليه السلام إيها أحب إليك الجلوس في المسجد أم الجلوس في الجنة ، قال ع ؛ الجلوس في المسجد فقالوا وكيف ؟ قال ع ؛ لأن في الجلوس في المسجد رضا ربي وفي الجلوس في الجنة رضا نفسي وأنا أقدم رضا ربي على رضا نفسي . ما خيّر بين أمرين لله فيهما رضا إلا أختار أشدهما على نفسه لأنه يريد أن يقدم كل شيء قربه لله تعالى وأهم شيء يملكه الأنسان هي نفسه فأمات نفسه ! أي أنه ضحى بغرائزه وبميوله وبنزعاته في سبيل نيل رضا الله سبحانه ،
هذا الكلام كقطرة في محيط من سيد الوصيين وأمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ولكن حسبنا ذلك .