الإسكندر الثالث المقدوني، المعروف باسم الإسكندر الأكبر، هو القائد الذي تمكن بمفرده من تغيير طبيعة العالم القديم في أكثر قليلا من عقد من الزمان.
تلقى الإسكندر تعليمه على يد الفيلسوف أرسطو . وبعد أن اغتيل والده فيليب في 336 قبل الميلاد ورث مملكة قوية ولكن غير مستقرة . تعامل بسرعة مع أعدائه في الداخل وأعاد فرض السلطة المقدونية على داخل اليونان. وما لبث أن اتجه لقهر الإمبراطورية الفارسية.
على الرغم من الصعوبات الجمة ، قاد جيشه من نصر إلى نصر عبر الأراضي الفارسية في آسيا الصغرى وسوريا و مصر دون أن يتكبد هزيمة واحدة . وكان أعظم انتصار له على الفرس في معركة كوكاميلا ، في ما هو الآن شمال العراق ، في عام 331 قبل الميلاد. وهكذا أصبح ملك مقدونيا الشاب وزعيم الإغريق سيد آسيا الصغرى و فرعون مصر و" الملك العظيم " لفارس وهو في سن الخامسة والعشرين .
على مدى السنوات الثماني التالية ، وبصفته ملك ،وقائد سياسي ، والباحث والمستكشف ، قاد الإسكندر جيشه على امتداد 11000 كيلومتر ، وقام بتأسيس أكثر من20 مدينة وخلق إمبراطورية امتدت عبر ثلاث قارات و غطت حوالي مليوني كيلومتر مربع. المنطقة بأكملها من اليونان في الغرب ، إلى نهر الدانوب في الشمال ، إلى مصر جنوبا وحتى البنجاب الهندية إلى الشرق ، ارتبطت معا في شبكة دولية واسعة من التجارة والتبادل التجاري . توحدت تلك الإمبراطورية عن طريق اللغة اليونانية والثقافة المشتركة، في حين اعتمد الملك نفسه العادات الأجنبية من أجل حكم الملايين من أتباعه المتنوعين عرقيا.
اعتبر الإسكندر عبقرية عسكرية وكان القدوة لرجاله. وعلى الرغم من أن إيمانه بأنه لا يقهر قاده في كثير من الأحيان إلى التهور وتعريض حياته الخاصة و حياة جنوده للخطر، إلا أن حقيقة أن جيشه رفض مرة واحدة فقط الانصياع لأوامره على مدى 13 سنة من حكم اتسم بالقتال المستمر، دليل على عمق الولاء الذي كان يوحي به.
مات من الحمى في بابل في يونيو حزيران 323 قبل الميلاد. بعد بضعة سنوات من وفاته، نشبت حروب أهلية طاحنة بين أتباعه كان من شأنها أن مزّقت أوصال إمبراطوريته، وولّدت عدّة ممالك.
يشمل إرث الإسكندر المجد العسكري إلى التمازج الثقافي الذي خلقته فتوحاته، فقد تمكن من خلط الثقافة الإغريقية الهلينية بالثقافات الشرقية المختلفة للشعوب الخاضعة له. وقد احتل الإسكندر مكانة بارزة في الأساطير والقصص والتاريخ اليوناني والعالمي تقريبًا، وأصبح المقياس الذي يُحدد القادة العسكريين بناءً عليه نجاح أو فشل مسيرتهم، وما زالت الأكاديميات العسكرية حول العالم تُدرّس أساليبه وتكتيكاته الحربيّة حتى الوقت الحالي.
يجمع المؤرخون على أن الإسكندر استحق لقب «الأكبر» أو «الكبير» عن جدارة، بسبب نجاحه العسكري منقطع النظير، فهو لم يخسر معركة قط، على الرغم من أن أغلب الجيوش التي قاتلها فاقت جيشه عددًا وعدّة، وذلك يعود إلى حسن استغلاله لمواقع معاركه، ولتدريبه فيالق المشاة والخيالة على استخدام تكتيكات فذّة، ولاستراتيجياته الجسورة المقدامة، وللولاء الأعمى الذي كنّه له جنوده.ذكر الإسكندر ومنجزاته العظيمة في نصوص عدّة حضارات، سواء تلك القديمة أو الحديثة، فأوّل من ذكره في نصوصهم كان الإغريق أنفسهم خلال حياته، واستمر غيرهم من بعدهم يروي قصص هذا القائد جيلاً بعد الجيل حتى الزمن الحالي.